«الجزيرة» - محمد العثمان:
منحت الهيئة العامة للاستثمار «ساقيا» أمس الأحد ثلاث رخص استثمارية لشركات يابانية عدة، بحجم استثمارات تجاوزت 4 مليارات ريال، وذلك خلال منتدى الأعمال السعودي - الياباني الذي حمل شعار «الرؤية السعودية - اليابانية 2030». كما تم توقيع 6 مذكرات تفاهم بين البلدين، وذلك بمشاركة نخبة من قيادات القطاع الحكومي ورجال الأعمال وقادة الفكر والاقتصاد في البلدَيْن.
وسلَّم وزير التجارة والاستثمار ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار ووزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني الرخص الاستثمارية الثلاث لشركات:» SMBC» المتخصصة في مجال الاستشارات المالية والإدارية، و «SB. Energy» المتخصصة في مجال استشارات الطاقة المتجددة، ومكتب «TADANO» لتقديم الخدمات العلمية والفنية للوكلاء السعوديين المتخصصين في المجال الصناعي.
يأتي ذلك مع انطلاق فعاليات منتدى الأعمال السعودي - الياباني تحت شعار «الرؤية السعودية - اليابانية 2030»، الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار الأحد في فندق الفيصلية بمدينة الرياض، بحضور وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، ووزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، ووزير النقل المهندس نبيل العامودي، ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم بن العمر، والأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود وكيل الهيئة العامة للرياضة. كما شارك من الجانب الياباني وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني «هيروشيجي سيكو»، والرئيس التنفيذي لمنظمة التجارة الخارجية اليابانية ياسوكازو ايرينو، وممثل مركز التعاون الياباني بالشرق الأوسط «سي جي هيروتا».
رؤية 2030 والتعاون الدولي
وفي كلمته قال وزير الطاقة خالد الفالح إن رؤية 2030 جعلت من التعاون الدولي وبناء فرص الاستثمار المشترك عنصرًا أساسًا من خارطة الطريق لتحقيق الطموحات. وتاريخ البلدَين مليء بالنجاح والإنجاز عندما تجتمع جهودهم في مجال الطاقة. ومكَّنت موثوقية المملكة في إنتاج الطاقة من تلبية 40 % من متطلبات اليابان من النفط على مر السنين. كما أن شراكتنا في قطاع التكرير والتسويق والكيماويات الياباني عبر مصفاة (شوا شل) قد قاربت العقد من الزمن. وأسهم مشروع (أوكيناوا) لتخزين النفط الخام في تعزيز الاحتياط البترولي الاستراتيجي الياباني. ويشهد المشروع توسعًا أكثر إثر الزيارة الميمونة لسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لليابان.
رفع الناتج الصناعي
وفي مجال تطوير الصناعات تسعى الرؤية إلى معدل نمو يبلغ 18 % بالنسبة إلى الصادرات الصناعية؛ ما يعني رفع الناتج المحلي للصناعة إلى أكثر من 680 مليار ريال، بما يتطلب تطوير تجمعات صناعية، واستبدال المنتجات المستوردة، ورفع مستوى المحتوى المحلي، وكذلك تطوير تجمعات صناعية، تستهدف التصدير الإقليمي والعالمي.
وتابع: «من الصناعات المستهدفة أيضًا الصناعات الدوائية، الأغذية، مواد الإنشاء والبناء، الآلات والمعدات، السيارات والبتروكيماويات والصناعات التحويلية. كما تُعنى الاستراتيجية بصناعات مستقبلية واعدة، كصناعات الطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية والروبوتات وصناعة السفن».
وأضاف: هناك جهود من أجل التعاون مع الجانب الياباني في مجال بناء صناعة السيارات في المملكة، التي تسندها حزمة حوافز قوية، يقدمها الجانب السعودي. ورؤيتنا تطمح إلى جعل سلاسل قيمة المعادن الركيزة الثالثة للصناعة السعودية، إلى جانب النفط والغاز والبتروكيماويات. ونتطلع إلى أن تسهم هذه السلاسل بنحو 280 مليار ريـال في الناتج المحلي الإجمالي. وقد وضعت هذه الاستراتيجية الإمكانيات اللازمة والخطط لاستغلال المعادن، مثل الحديد والنحاس والألمنيوم والمعادن النفيسة والصناعية.. والفرص لتعاوننا في هذا المجال واعدة للغاية. وأردف قائلاً: تستهدف استراتيجياتنا مضاعفة طاقتنا الإنتاجية من الغاز خلال السنوات العشر القادمة؛ وذلك لدعم مشاريع إنتاج الكهرباء والصناعات المصاحبة والصناعات التحويلية الناتجة منه والصناعات المحاذية للنفط مثل التكرير، مع تحقيق أعلى مستويات المحتوى المحلي، وتعزيز قدرات التوطين. وقد تحدثت عن التعاون في زيادة المحتوى الوطني في مجال قطاعَي الزيت والغاز، والاهتمام الذي أبدته الشركات اليابانية بذلك - كما أشرت - سيزيد من فرصها في مشاريع هذا القطاع، إضافة إلى مجالات التعاون في مجال إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية في المملكة، بدءًا بمجال الطاقة المتجددة، التي خططنا تسعى إلى رفع مستوى كفاءة الطاقة فيها، وكذلك التمكن من إنتاج ما يقارب 10.000 ميقاوات في عام 2023، أي ما يقارب 10 % من إجمالي إنتاج المملكة من الطاقة، مع جعل توطين سلسلة القيمة مطلبًا لذلك. وهناك فرص كبيرة للتعاون بين الجانبين في هذا المجال، التي حققت بعض الشركات اليابانية نجاحًا في المنافسة فيها.
96 شركة يابانية مرخص لها
وقد صرَّح وكيل محافظ هيئة الاستثمار للجذب وتطوير الاستثمار سلطان مفتى إلى «الجزيرة» بأنه يوجد حاليًا 96 شركة يابانية مرخص لها باستثمارات تفوق 53 مليار ريال، إضافة إلى 3 شركات تم الترخيص لها اليوم بحجم استثمارات 4 مليارات ريال. ونتطلع إلى المزيد في منتدى الأعمال السعودي الياباني، خاصة بحضور 60 شركة يابانية و200 وفد زائر، فيما يقابلها أكثر من 200 رجل أعمال سعودي للدخول في المبادرات المشتركة، وخصوصًا في ورش الأعمال المصاحبة.
من جانبه، قال محافظ هيئة الاستثمار المهندس إبراهيم العمر إن رؤية 2030 جاءت لخلق فرص واعدة للاستثمار والتنمية؛ إذ تضمنت أهدافها الاقتصادية رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ لتكون 5.7 % من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2030، والوصول بمساهمة القطاع الخاص من 40 % إلى 65 % من إجمالي الناتج المحلي.
ونتطلع إلى أن يسهم هذا المنتدى في تحقيق الرؤى الاقتصادية الوطنية المشتركة لكلا البلدين، وذلك من خلال تفعيل أوجه التعاون والتكامل، والعمل على تقوية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بتشجيع شركات القطاع الخاص في المملكة واليابان لإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة.
شراكة استراتيجية
وبدوره، أوضح رئيس مجلس الأعمال السعودي - الياباني طارق القحطاني أن حجم التطور الذي شهدته حركة التجارة والاستثمار بين البلدين خلال العقدين الماضيين يعبِّر عن متانة العلاقة والشراكة الاستراتيجية بينهما. كما تُعد المملكة إحدى الدول الجاذبة للاستثمارات، ولديها جاذبية وجدوى للاستثمارات اليابانية، المتوقع ارتفاعها بمستويات متميزة بتنفيذ الرؤية السعودية - اليابانية المشتركة 2030، وتنفيذ مبادرات أصحاب الأعمال لدعم التبادل المعرفي، ومشاريع شباب الأعمال في البلدين، وإنشاء البنك السعودي - الياباني، والإسراع في إنشاء الشركة السعودية - اليابانية لتطوير الاستثمار في مختلف المجالات.
علاقات ممتدة
وصاحب أعمال المنتدى تنظيم أربع جلسات نقاشية، تناولت إنجازات لجنة «تيسير» في الفترة الأخيرة، ومناقشة أبرز الفرص الاستثمارية في قطاعات الصناعة والطاقة والبتروكيماويات، والقطاع الصحي، والترفيه والمحتوى الرقمي، كما يستعرض مشاريع صندوق الاستثمارات العامة.
كما تم تنظيم معرض تحت عنوان «استثمر في السعودية»، شاركت فيه الهيئة العامة للاستثمار، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن»، وهيئة الصادرات السعودية، إضافة إلى 15 جهة أخرى.
يُذكر أن العلاقات السعودية - اليابانية تشهد تطورات مهمة، وتقاربًا في كثير من الملفات، خاصة الجانب الاقتصادي؛ وذلك بعد الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين إلى اليابان العام الماضي، التي مهدت السبل لخروج الرؤية السعودية - اليابانية 2030 إلى النور لتحقيق النمو المستدام عبر تأسيس بيئة صناعية واسعة النطاق، تتسم بالموثوقية، وتعزيز القدرات التنافسية للقطاعات الاقتصادية عن طريق تحقيق الاستفادة القصوى من التكنولوجيا والابتكار، وتجديد المشهد الاجتماعي والثقافي من خلال وضع أسس قوية للتعاون بين الجانبين.
إلى ذلك، ترتبط المملكة مع اليابان بعلاقات اقتصادية قوية ومتميزة، يعود تاريخها إلى خمسينيات القرن الماضي؛ إذ خطت خطوات ثابتة في مجال الاقتصاد؛ لذا تعد المملكة شريكًا مهمًّا لليابان؛ كونها أحد أكبر مصدري المنتجات المختلفة إلى المملكة. وقد انعكست قوة العلاقات الاقتصادية على حجم التبادل التجاري بين البلدين؛ إذ بلغ العام الماضي أكثر من 100 مليار ريال، كما بلغ عدد الشركات اليابانية المستثمرة في المملكة حتى نهاية العام الماضي 96 شركة، بإجمالي استثمارات يتجاوز 53 مليار ريال، وذلك في قطاعات مهمة وحيوية. كذلك تعمل الدولتان على تحقيق حزمة من البرامج التنموية المنبثقة من الرؤية السعودية اليابانية 2030، التي تعد إحدى ثمار الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي ولي العهد ـ يحفظهما الله ـ إلى اليابان في العام الماضي.