فهد بن جليد
يمكننا القول إنَّ أفكار ومُقترحات دعم المُتقاعدين من كبار السن، والاهتمام بهم أو على أقل تقدير الاستفادة من خبراتهم العملية المتراكمة التي اكتسبوها طوال فترة خدمتهم، حتى غادروا الوظيفة طواعية أو بموجب نظام التقاعد ، باتت أحلاماً ووعوداً يطلقها القيمون على جمعيات المُتقاعدين ومن في حكمهم, يصعب تحقيقها دون قرار واضح ومُلزم من الجهات المعنية في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بعدم التفريط في هذه العقول والتجارب والاستفادة من هذه الخبرات في تنمية وتطوير مُجتمعاتنا, وفق خططنا الجديدة والعصرية وبما يتناسب مع مُقتضيات الحال، وجعلهم جزءاً فاعلاً من التغيير بدلاً من تمترسهم في المقاهي والجلسات والاستراحات والبيوت، والتحسر على الماضي وترقب المجهول.
هذه الشريحة الخاملة - بغير إرادتها - في مجتمعاتنا الخليجية تشكل نحو 25% من إجمالي عدد السكان القادرين على العمل، في المملكة تزداد النسبة سنوياً لنحو 07% من إجمالي عدد المُتقاعدين، مع ملاحظة أنَّ المسنين فوق الـ65 سنة من العمر لا يتجاوزون الـ4.1% في آخر إحصاء رسمي، وهو ما يعني أنَّ ثلاثة على أقل تقدير من كل 100 متقاعد في السعودية هم في سن الشباب والعمل، هؤلاء بكل تأكيد يحصلون على حقوقهم التقاعدية المُستحقة أسوة بغيرهم من المُسنين - رغم أنَّهم يثقلون فاتورة التقاعد - إلا أنَّهم يعملون لحسابهم الخاص بطريقة أو بأخرى في المستشفيات كالأطباء ونحوهم، بعد أن حصلوا على المؤهلات العلمية بالابتعاث وغيره، وتشكلت خبرتهم وصقلت في الأعمال الحكومية والطبية والهندسية، دون أن يؤخذ هذا في الحسبان لناحية المعاش التقاعدي الضخم الذي هو حق لهم بكل تأكيد، إلاَّ أنَّ المُجتمع أولى بخبرات هؤلاء الشباب المُتقاعدين مُبكراً، لذا أقترح الاستفادة منهم وفتح المجال لهم في أعمال حكومية مُساندة أو حصر أعمالهم في الشركات بدوام جزئي وبأجر مقطوع يضم إلى راتبهم التقاعدي، ويمكن تغيير طبيعة عملهم الجديدة لتتناسب مع ظروفهم، ويمكننا هنا الاستفادة من تجارب دولية طبقت حتى لمن هم فوق الـ 65 سنة, كتجربة اليابان الرائدة التي تتيح للمُتقاعد العمل كمُستشار في الشركات والمؤسسات، بينما نحن اليوم في حاجة الخدمات التطوعية الحرة من المتقاعدين، الذين يمكن التعاقد معهم بمقابل مادي للخدمات التي يقدمونها.
بعد 5 سنوات من الآن يتوقع أن يفوق عدد المُتقاعدين أكثر من مليون شخص في بلادنا، بكل تأكيد سترتفع نسبة الشباب بينهم، وهو ما يعني تفاقم المُشكلة أكبر، ولربما وجدنا أنفسنا ذات يوم، ندفع رواتب التقاعد لشباب توظفهم وتستفيد منهم شركات القطاع الخاص.
وعلى دروب الخير نلتقي.