عبده الأسمري
بين السفاهة والتفاهة والشهرة السريعة الوهمية خط رفيع من التخلف المركب الذي نراه كمشاهد بائسة في شخصيات رمى بها «الوهم» في دائرة الخلل والمرض ومن المتوقع أن يصل بها إلى الجنون.
نعاني من خلل حقيقي في الترويج للسخف غزى العقول وغافل المراهقين وهزم الأطفال وغلب الكبار.
بيننا علماء وعالمات يعيشون في البلاد وسط مختبراتهم وبين أوراقهم يخدمون الإنسانية جمعاء لم يكرموا كما يجب بعضهم يحتاج دعما لإنهاء أبحاثه وآخرين يكرمون في منصات الخارج وأمام جمعيات المعرفة ولدينا حتى الغرف التجارية وأمانات المدن والجهات الكبرى تستدعي المنشدين والمهرجين لإظهار سفاهتهم «علنا» وسخفهم «جهرا».
انطلقت حملة لتبليك المشاهير ولكنها وإن نجحت جزئيا فاني أرى أن يعاقب البعض ممن صنعوا التفاهة وروجوا للسفاهة لأنهم أساءوا للمجتمع وساندهم بعض «السفهاء والسفيهات» والقابلين والقابلات للتشكيل السلوكي فانتشرت المشكلة بشكل أكثر.
السخف كما الفساد إذا لم يتوقف فإنه سيستشري كالورم الخبيث وإني لأراه «خبثا اجتماعيا» من أنفس مريضة وشخصيات مختلة. أتمنى أن يحال بعض المشاهير كما أطلق عليهم مجتمعنا للأسف إلى عيادات نفسية لتحليل شخصياتهم بل وعلاجهم وسحب كمية التهريج المتوغلة في عقولهم وأرواحهم وتركهم فترة تحت الملاحظة حتى يتأقلموا مع أعراض انسحاب السخف من أدمغتهم وعلى المجتمع أن ينهض من غفلته وأن يعلم أن المشاهير الحقيقيين من يصنعون الفارق ومن يرفعون اسم الوطن داخليا وخارجيا لا من يروجون «التهريج».
أتمنى من الجهات المعنية أن تحصر الأسماء والمقاطع وما تم بثه خلال الفترة الماضية وأن تتم محاسبة هذه الفئة التي أساءت للمجتمع ونشرت الهزل وأن يتم أخذ التعهدات وإيقاع العقوبات وأن تصدر التعاميم اللازمة إلى منظمي الفعاليات والتجار بمنع تواجد مثل هؤلاء الذين لم يتركوا «لقبا» إلا ووصفوا أنفسهم به فالكل «إعلامي» والجميع ناشط أو شاعر وهلم جرا من الألقاب المجانية التي أساءت للمهن والثقافة ولكل شيء وأرى أن يعاقب كل من يرصد بعد ذلك لأن حماية المجتمع ضرورة قصوى وأتمنى أن تتخلى المدارس عن الأنشطة الروتينية وأن تعقد المحاضرات التي توعي الأجيال بخطر فئة المهرجين وأن يتفق المجتمع على إشاعة كلمة «مهرجين» لأنهم كذلك في الواقع حتى نحمي أجيالا بأكملها وأن يتم تنقية المناسبات والأنشطة والفعاليات من تواجدهم وأن يتم استبدال «سخفهم» بفعاليات نافعة واستضافة شخصيات لها قيمتها لتكون نماذج يحتذى بها وعلى خطباء الجمع أن يضعوا في مواضيعهم القادمة حماية النشء والأسر من هذا السخف المجتمعي.
الموضوع يحتاج إلى حصار حقيقي حتى نقضي على هذه الظاهرة الخطرة ولن يتم ذلك إلا بحلول عملية تتعاون فيها الدولة والجهات المختصة كافة ومؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال والمجتمع بأسره وبكل شرائحه.