غسان محمد علوان
ما زالت قرارات هيئة الرياضة والاتحاد السعودي لكرة القدم تتسارع في الوسط الرياضي بشكل بدأ يُفقد المتابعين التركيز في تفاصيل المنافسة لهذا الموسم. فمن زيادة لعدد الأجانب، إلى إعلان معسكرات المنتخب الأول، إلى تفريغ الأندية من دولييها في فترات متفرقة، إلى زيادة عدد الفرق، وإلى تأجيل إحدى الجولات بالدوري.. وكل هذا يحصل في فترة قصيرة جدًّا، أخلّت بتوازن المنافسة.
نعلم أن هذا الموسم هو موسم استثنائي بسبب مشاركة منتخبنا في كأس العالم، ولكن هذا السبب (وإن كانت أهميته بالغة) ليس بكافٍ لنُحدث كل هذه الزلزلة في برامجنا ومنافساتنا، التي بدأت بداية الموسم بأربع بطولات، وستنتهي ببطولتين!! ويجب علينا أن نتذكر أن هناك 31 منتخبًا آخر مشاركًا في كأس العالم، وكل منهم يسعى إلى أن تكون مشاركته هذه السنة أفضل مشاركة في تاريخه (باختلاف الطموحات والقدرات)، وجميعهم يتعامل مع الحدث بهدوء وجدية في آن واحد. فلا يوجد إعداد أفضل لأي لاعب في العالم من مشاركة فريقه في منافسات قوية منتظمة، تضمن له تطور المستوى الفني، والمحافظة على رتم المباريات والمستوى اللياقي العالي الذي يحتاج إليه في بطولة مجمعة محدودة اللقاءات ككأس العالم.
وفي الوقت ذاته نرى جهدًا استثنائيًّا للحفاظ على ابتسامة مشجعي الأندية عبر تسهيلات للتوقيع مع محترفين جدد (أجانب ومحليين)، والتكفل بكامل أو بجزء من تلك العقود، ومحاولة إغلاق قضايا تترتب عليها شطب لاعبين أو خصم نقاط أو تهبيط، ودعم مادي لإدارات الأندية؛ لتتمكن من الحفاظ على لاعبيها رغم عدم قدرتها على تجديد عقودهم أو حتى الاستمرار بدفع رواتب من لم تنتهِ فترته التعاقدية.
كل ذلك وإن أسعد عشاق الأندية فقد أصاب عدالة المنافسة في مقتل. عدالة المنافسة تلك التي ننشدها لا تنطبق إلا على أكثر الدوريات والمنافسات احترافًا وتطورًا، أما المساواة بين المتنافسين فيمكن تطبيقها في أي زمان ومكان.
فجميعنا يذكر كيف كانت المباريات التي كنا نلعبها أيام الدراسة، وخصوصًا في المرحلة الابتدائية، وعندما كان يتفوق فريق على آخر يتدخل المدرس (الحكم دومًا) فيقطع الكرة من الفريق المتفوق، ويمررها للفريق الأقل؛ علَّه يسجل، أو يخترع ضربات جزاء خيالية لتقليل الفارق في النتيجة؛ ليتساوى الفريقان في آخر الحصة أو يكادا.. فإن اعترض أحد الطلاب على ما حصل أجابه المدرس بابتسامة أبوية صادقة: (خل أخوك وزميلك يستأنس زيك).
نعم، نتمنى أن تكون كل أنديتنا بخير، وتمتلئ حساباتها البنكية بوفرة مالية، لكن بشرط أن تكون نتاجًا لإدارة مالية مُحكمة، واستثمارات متعددة ناجحة.
نعم، نتمنى أن تكون سوق الانتقالات لدينا سوقًا نشطة وتنافسية، لكن بشرط أن تكون ضمن النظام والقانون فقط.
نعم، نتمنى أن لا يعلو صوت على صوت القانون والأنظمة، لكن بشرط أن تطبَّق تلك الأنظمة على الجميع دون تجاوز أو استثناء.
يجب علينا جميعًا أن نعي نتائج وتبعات ما نقوم به اليوم من خطوات متسارعة؛ فكأس العالم سينتهي بخيره وشره، وسنعود لمنافساتنا مرة أخرى.. فهل سنستمر على هذا (اللاتوازن) أم سنعود فعلاً لمنافسة محترفة عادلة، يجني من خلالها المجتهد ثمار تعبه، ويعاني خلالها مَن أساء في قراراته واختياراته؟