«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
منذ بداية سوق الأسهم وهناك تنافس حميم بينه وسوق العقار، فالعقار كان لفترة الجاذب الأول للسيولة في السوق، فواقع السوق العقاري وعنصر ندرة الأراضي داخل حيز المدن كان يحرك السيولة النقدية بشكل ديناميكي على الدوام. ففي المدن الكبرى والرئيسة مثل الرياض وجدة والدمام والخبر كانت تحركات أسعار الأراضي ملفتة للنظر طيلة الأربعين عاماً الأخيرة. فضلاً عن الندرة والامتدادات العمرانية الكبيرة لمكة المكرمة والمدينة المنورة عزت بتركز السيولة النقدية في العقار بشكل عال للغاية، حتى أن التكنز في العقار بات ينافس التكنز في الذهب والأسهم.
وخلال العشرين عاماً الأخيرة تحديدًا، ظلت السيولة النقدية تتجه إما إلى العقار أو إلى الأسهم. ولطالما ربح العقار وخاصة بعد الأزمات المتكررة في سوق الأسهم منذ فبراير 2006. ومع عدم تجاوز سقف الاستثمارات في الأسهم عن 1.7 تريليون ريال حتى تاريخه، فإن حجم الثروة النقدية في السوق العقاري قد تتجاوز الـ10 تريليون ريال على أقل تقدير.
منذ العام الماضي، بدأت تظهر ملامح تزاوج جديد بين السوقين العقاري والأسهم، من خلال الصناديق العقارية المتداولة في سوق الأسهم السعودية أو صناديق ريتس، والتي ظهرت لأول مرة مع إدراج أول صندوق ريتس يوم 13 نوفمبر 2016 وهو صندوق «الرياض ريت» بقيمة 500 مليون ريال. ووصل عدد الصناديق المدرجة بسوق الأسهم حتى الآن إلى 7 صناديق برأسمال 4.2 مليار ريال.
وتعتبر هذه الصناديق شكلاً جديداً للاستثمار في أصول متداولة، تتركز في العقارات التجارية أو السكنية أو الصناعية أو الزراعية، وهو شكل ذكي سعى لاستغلال رغبة المستثمرين للاستثمار في العقار، فحاول جذبهم للعقار ومن خلال مسار الأسهم.
وتظهر هذه الصناديق بالتزامن مع فرض رسوم الأراضي البيضاء، بحيث تجبر الملاك على إما بيع هذه الأراضي ومن ثم عدم الاكتناز فيها، أو تطويرها، وهو شكل يحتاج إلى سيولة نقدية غالباً لا يمتلكونها، وبالتالي تتيح هذه الصناديق السيولة المطلوبة لتطوير تلك الأراضي.
الأمر المستغرب أن طرح هذه الصناديق أصبح هو الشكل الاستثماري المسيطر على سوق الأسهم خلال 2017، حيث إن سبعاً من مجمل ثماني أطروحات جديدة كانت لصناديق عقارية، وهو ما يوضح أن معظم الاستثمارات خلال الفترة الأخيرة هي عقارية، فرغم عدم ارتفاع العائد بالقطاع العقاري، إلا إن الاستثمار في العقار أصبح هو المسيطر ولكن بشكل استثماري جديد، هو «الريتس».
ويمكن ملاحظة هذا التوجه الجديد من خلال ارتفاع مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من أقل من 7% حتى 2015 إلى ما يناهز الـ10% في 2017. وتتوقع «وحدة أبحاث الجزيرة» أن تصعد هذه المساهمة قريبًا إلى نحو 13%، بعد طرح المزيد من صناديق الريتس. ورغم التداولات الصغيرة والتي توصف بالبطء نسبيًا لصناديق الريتس، إلا إنها تعتبر أعلى استقرارًا، بل قد تسهم بشكل رئيس في تحقيق المزيد من الاستقرار لسوق الأسهم نفسه.
** **
الأطروحات الجديدة في 2017 وطفرة الصناديق العقارية المتداولة