سمر المقرن
حسناً فعلت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإحالة قضية شاعر مشهور إلى إدارة الاتجار بالبشر، بعد أن انتشر مقطع فيديو «مقزز» يظهر فيه الشاعر وهو يتعامل مع عامل القهوة بطريقة مقززة، ما يعني اكتمال أركان جريمة الاتجار بالبشر عبر ما رأيناه في ذلك المقطع، من تهديد وتحقير وإهانة!
إن هذا السلوك ليس الأول ولا الأخير، وإن كان قد ظهر عبر مقطع فيديو شاهده الملايين فهناك نفس السلوك وأشد إهانة لم تظهر ولم يتم تصويرها ونشرها. عندما اتأمل مثل هذه السلوكيات أفكر جدياً بأهمية إعادة ترميم الفكر المجتمعي في التعامل مع الآخر بشكل عام، والتعامل مع العمالة والناس البسيطة بشكل خاص.
قرأت ذات مرة عن هذه السلوكيات من وجهة نظر علم النفس، أتذكر أن هناك تأكيد على أن من يقوم بها هو شخص يعاني من مشكلة نفسية ولديه حالة إحباط داخلية قد ينجح في عدم إظهارها، لكنها تظهر رغماً عنه من خلال تعامله مع الآخرين وأخص البسطاء منهم. هؤلاء أيضاً لا يتعاملون بهذا النهج مع الأفراد فقط، بل جرت العادة لديهم في التقليل من المجتمعات الأخرى والنظر بازدراء لبعض الجنسيات، وهؤلاء في الغالب لديهم من «السطحية» الكثير، نظراً لكونهم بعيدين ثقافياً عن حضارات الأمم والتقدم العلمي لديهم، فيكون النظر محصوراً بحالة عوز وفقر فئات معينة من هذه المجتمعات، وكأن الفقر عيب، مع أن التقليل من الناس بسبب فقرهم قد لا نستبعد من قدرة الله -عز وجل- في جعل الدوائر تدور ويمر الإنسان بما يمر به هؤلاء الفقراء، لأن النعم لا تدوم إلا بالحفاظ عليها.
أيضاً المتأمل لمثل هذه السلوكيات يجد فيها جانب كبير من العدوانية، وقد أسماه علماء النفس (التبخيس) بمعنى التقليل من شأن الآخرين بهدف تبرير السلوكيات العدوانية تجاههم!
نحن في هذه المرحلة نعيش حالة تغيير جذرية، وكون الأنظمة القانونية تدخلت في مثل هذه المواضيع بشكل مباشر، فالأكيد أننا نمشي في الطريق الصحيح نحو التغيير، وهذه السلوكيات القائمة على أفكار سواء كانت تراكمات ثقافية أو تراكمات نفسية فهي ستنتهي وتتلاشى مع السنوات القليلة القادمة، وستكون ذكرى من الماضي!