م. خالد إبراهيم الحجي
إن أمريكا أهم دولة بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الذي تأسس عام 1946م، وهذه الدول هي أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، وكل دولة منها لها حق الفيتو، وهو نقض القرارات التي يتخذها المجلس. وأمريكا هي الدولة الأكثر تأثيراً في قرارات الأمم المتحدة والسياسة الدولية، وغالباً تتبعها وتؤيدها باقي الدول العظمى ومعظم الدول الأخرى بسبب قوتها الاقتصادية وتفوقها العسكري. وبناء على ما سبق تختلف مواقف أمريكا وسياساتها من دولة إلى أخرى بناءً على مصالحها مع كل دولة. وتختلف علاقات الدول مع بعضها البعض بناء على سياسة أمريكا مع كل دولة، والشاهد على ذلك المناوشات الكلامية والحرب الإعلامية الساخنة بين إيران وإسرائيل، ولا تخفى على كثير من الناس في دول العالم، فقد سبق وأن أعلنت إيران على لسان إمامها «خامنئي» بأنها ستمحو إسرائيل من خريطة الشرق الأوسط. وفي المقابل أعلنت إسرائيل أنها ترفض الاتفاق النووي الذي تم بين إيران والدول العظمى الخمس، لأنه سيفتح الباب أمام إيران لتطوير برنامجها النووي في أقل من عام بحسب إفادة الرئيس الإسرائيلي «نيتنياهو» الذي عارض الاتفاقية بشدة، وطالب الدول العظمى إجبار إيران على تفكيك مفاعلاتها النووية بدلاً من وضعِ حدٍ لتخصيب اليورانيوم لا يتجاوز (3.67) في المئة لمدة عشر سنوات بحسب الاتقاقية، بل إن إسرائيل تسعى إلى أبعد من ذلك، وتطالب أمريكا بالاشتراك معها في حملة عسكرية بالأسلحة الصاروخية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية.. وأمريكا تؤيد إسرائيل وتساندها منذ احتلالها الأراضي الفلسطينية عام 1948م، وتدعمها في مجلس الأمن باستخدام الفيتو (حق النقض) الذي يوفر لها الحماية ضد جميع قرارات المجلس التي تدينها منذ الاحتلال حتى الآن. ومساندة أمريكا لإسرائيل تتضح من المواقف التالية: أولاً: مَدُّ إسرائيل بالأسلحة الحديثة المتطورة التي تغدقها عليها أمريكا للمحافظة على تفوقها العسكري في إقليم الشرق الأوسط؛ والدليل على ذلك هو أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في الشرق الأوسط. ثانياً: رعاية أمريكا لاتفاقيتي السلام بين إسرائيل وبين الأردن ومصر التي تمت بعد حروبها مع دول الطوق (سوريا ولبنان والأردن ومصر) وما زال العمل بهما جارياً حتى اليوم. ثالثاً: التأييد الأمريكي لجميع مواقف إسرائيل وقراراتها وسياساتها في إقليم الشرق الأوسط ومنها حصارها لغزة، واستمررها في بناء المستوطنات الجديدة على الأراضي الفلسطينية، وبناء الجدار العازل في الضفة الغربية، وتهويد القدس الذي أكده الرئيس ترامب بإعلانه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وعدم الاكتراث بالاعتراضات الفلسطينية الشديدة ورفض باقي الدول العربية والإسلامية.
وفي المقابل نجد أن أمريكا ترفض وتعارض بشدة أعمال إيران العدائية في زعزعة الأمن وإثارة القلاقل والاضطرابات لمحاولة قلب أنظمة الحكم في المنطقة، وبسط نفوذها على الدول المجاورة لها في إقليم الشرق الأوسط، الذي جعل الرئيس الأمريكي ترامب يعيد النظر تجاه إيران، ويأخذ الدروس المستفادة من أخطاء الإدارة الأمريكية السابقة التي تساهلت مع إيران فجعلتها أكثر خطورة وقرباً لامتلاك السلاح النووي. لذلك أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن سياسته الحازمة ضد النظام الإيراني وإستراتجيته الشاملة الجديدة مع إيران التي تتبلور في البنود التالية:
(1): فرض مزيد من العقوبات الإضافية على النظام الإيراني لمنعه من تمويل الإرهاب أو مساندته ودعمه له.
(2): مواجهة توظيف النظام الإيراني للإرهابيين بالوكالة مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.
(3) مواجهة تطوير النظام الإيراني للصواريخ الباليستية ونشره للأسلحة الهجومية التي تهدد حرية الملاحة الدولية والتجارة العالمية، وسد كل الطرق أمام إيران للوصول إلى السلاح النووي.
(4): إعلانه تأييد الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي انطلقت ضد الحكومة الإيرانية بسبب التدهور الاقتصادي والظروف المعيشية السيئة داخل إيران وانصراف النظام إلى التدخل في لبنان والعراق وسوريا واليمن.
الخلاصة:
إن الشرق الأوسط في حاجة ماسة إلى تغيير سياسة القوة وبسط النفوذ إلى التصالح وإقامة اتفاقيات السلام، وبناء الشراكات الإستراتيجية التي تخدم المنطقة.