فهد بن جليد
إلحاق المتهورين بقيادة السيارات بالخدمة الاجتماعية في المستشفيات بدوام جزئي لتقديم المساعدة للمرضى - تجربة المنطقة الشرقية أنموذجاً - خطوة في الاتجاه الصحيح انتظرناها كثيراً وطالبنا بها مرات عدة, علَّها أن تُحيي تلك القلوب الميتة, لتتعظ بما تشاهده من حال المرضى على الأسرة, وكنتُ أتمنى أن يتم إلحاقهم تحديداً بتلك الأقسام التي يتم فيها تنويم وعلاج ضحايا حوادث السيارات, ليتعرفوا مباشرة على حجم الخسائر اليومية التي تتكبدها بلادنا ومجتمعنا من قتلى حرب الشوارع, والمُصابين الذين لم يعد بمقدورهم العودة لمزاولة ومُمارسة حياتهم الطبيعية نتيجة الإعاقة أو فقد أحد الأطراف, نتيجة حادث يتسبب به في مرات كثيرة متهور!.
لا يجب أن تتوقف العقوبة وبرامج التوعية البديلة عند هذا الحد, علينا المُضي قدماً في هذا الاتجاه لتوعية الفئة المُستهدفة وإقناعها بضرورة التوقف عن هذا السلوك، وأول الخطوات - برأيي - هو الاعتراف من جانب المرور بأنَّ الرسائل التوعوية التقليدية والإعلامية السابقة لم تكن كافية لإقناع هؤلاء بضرورة تغيير سلوكهم, ولم تصل إلى الفئة المُستهدفة بالشكل المطلوب إمَّا لخطأ في المحتوى، أو الوسيلة، أو طريقة وتوقيت النشر، وكأنَّ المُجتمع يتحدث مع بعضه البعض عن خطورة الأمر دون أن يستمع المُستهدفون لما نقول ونردد، وهو ما أفقدنا القدرة على ضبط الأمور أو التحفيز على التغيير, وبرأيي الخطأ الأكبر يكمن في أنَّ هذه الرسائل كانت تعليمية وتعريفية بآداب الطريق والأنظمة المرورية المرعية عند القيادة, بينما المطلوب هو إقناع الناس بضرورة الالتزام بها وتحديداً هؤلاء المتهورين, فالجميع يعلم مجمل الأنظمة, ويمكنه التعرّف عليها ومُحاكاته من خلال ما يُشاهده في الشارع, بينما التحدي الحقيقي هو في الإقناع من خلال تقديم رسالة واضحة وواقعية من أشخاص مُشابهين لهؤلاء, من السهل تطبيق النظام وعقاب المتهورين الذين يتم ضبطهم في الشوارع، ولكن هل هذا سيعالج الوضع، بكل تأكيد سيبقى التهور حاضراً وبعيداً عن أعين رجال المرور، مما يجعل خيار التوعية والتثقيف بالإقناع هو الأجدى.
حتى يقلل المرور من أعداد هؤلاء المتهورين في شوارعنا، عليه - برأيي - أن يستبدل أسلوب التوعية بالتعريف بالآداب والأنظمة إلى أسلوب الإقناع المباشر حول لماذا يجب أن نلتزم بها, فالإقناع والتلويح باللوائح السوداء في وجه المتهورين، هما سر ضماد المرحلة المرورية التي نعيشها, قبل أن يزداد المشهد تعقيداً بقيادة النساء المُرتقبة.
وعلى دروب الخير نلتقي.