د. جاسر الحربش
ماذا لو تصالح العرب والفرس والترك والكرد لأنهم أدركوا انسداد المستقبل أمام الجميع بسبب صراعاتهم التاريخية؟.. قد تزعج الفكرة الكثيرين عندنا وعندهم، ولكن المنزعج الأكبر بالتأكيد سيكون الأجنبي من خارج المنطقة الذي كرس تواجده فيها منذ قرون، مستفيداً من صراعات سكانها الأصليين.
العداوات في هذه المنطقة الإسلامية الأكبر متأصلة تاريخياً وتربوياً وتعليمياً عند كل الأطراف. النتيجة من استمرار هذا التعاند هي كونه السبب الأول لاهتراء الكتلة الأكثر أهمية في الجغرافيا الإسلامية، مما سهل اختراقها للغزاة باستمرار، من المغول والتتر، إلى الغرب المسيحي والروس.
لنسمي أهل الحضارة المسيحية الروم، فيكون لدينا في طرف المعادلة الإسلامية عرب وفرس وترك وكرد مقابل الطرف الآخر دول الحضارة المسيحية من خارج المنطقة، ومستقبلاً الهند والصين. استمرار التنافس القومي والمذهبي فيما يسمى منطقة الشرق الأوسط يعني استحالة الاطمئنان إلى مستقبل مستقر ومزدهر للجميع، وسوف يبقى استثمار الأجنبي لهذا التأزم وتفعيله لكي تستمر له التبعية والسيطرة الأمنية والإستراتيجية، بما يترتب على ذلك من اشتراطات واستنزاف اقتصادي. كل دولة عظمى تجاهر لحماية مصالحها في الشرق الأوسط بالقوة، والجيوش الأجنبية تجوس خلال الديار في الشرق الأوسط.
لنفترض تجاوزاً حصول معجزة التصالح بين العرب والفرس والترك والكرد، رغم أن ذلك يبدو مثل حلم إبليس في الجنة، فاليابان والولايات المتحدة الأمريكية اندمجتا في مصالح مشتركة رغم القنبلتين النوويتين وملايين القتلى والعداوة التاريخية.
ما هو المتوقع لو تقابلت قيادات عربية وفارسية وتركية وكردية في حوار عقلاني بهدف الوصول إلى خطة طريق وترسيم حدود نهائية وفتح الأبواب لمستقبل شعوبها المنهكة؟ أتوقع حصول التغيرات التالية:
أولاً: العملاء في كل طرف للطرف الآخر تنتهي صلاحياتهم.
ثانياً: الإهدار في الأرواح والأموال والجهود يتحول للبناء، على الأقل كل طرف في دياره.
ثالثاً: ينتهي الارتهان الإستراتيجي والأمني للأجانب بانتفاء الحاجة إليه.
رابعاً: الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة تتحول إلى هجرة معاكسة.
أعرف أنها أضغاث أحلام ولكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.