تتعدد المناسبات بين حينٍ وآخر، ولكن يظل لبعضها نكهة أخرى تختلف كمًّا ونوعاً وحجماً عن بقيتها، والاختلاف هذا ليس نابعاً من الحدث نفسه، وإنما ينبع من مسمى البطولة وما تحمله من دلالات ومضامين تاريخية لا يستطيع أحد أن يقف إزاءها صامتاً لأنها تعني تاريخنا الذي ورثناه وعشناه، ومنه نستمد المعاني السامية للحاضر والمستقبل، تلكم يا سادتي الأعزاء هي البطولة التي أصبح حديث الجميع عنها، وذاك هو الكرنفال الملكي الرياضي الفروسي المتميز الذي تنتظره الفروسية كل عام، لأنه بطبيعة الحال مهرجاناً يحمل اسماً متميزاً ومحبباً في قلوب كل السعوديين والمهتمين بالفروسية على وجه الخصوص.
إن هذا الكرنفال يمثل تاريخاً من الذكريات وآلافاً من الصورة التي تختزلها العقول، وتحتفظ بها القلوب، لأولئك الرجال الذين امتدت أياديهم البيضاء لتصنع مجداً تاريخياً تحدث عنه القريب والبعيد، حتى صارت أسماؤهم وصفاتهم تنطق كقصيدة شعرية غاية الروعة والإبداع، بدءًا من الملك المؤسس -طيب الله ثراه- ومروراً بكل الملوك الذين حكموا هذه البلاد المباركة بالحكمة والشجاعة والحنكة وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الرئيس الفخري لنادي الفروسية، وظهرت مواقفهم الشجاعة في أصعب الأوقات وأحلاها بأجمل صورة جعلتهم مثالاً يحتذى به للعالم بأسره.
إن حب ملوك هذه البلاد المباركة أمر نراه واجباً وطنياً وضرورة حياتية لا بد من وجودها، ولكن الحب يتفاوت في قلوب الناس من ملك لآخر، ولا شك أن هذا الكرنفال الرياضي سيشكل أهمية بالغة في قلوب الكثيرين من الفرسان والملاك والمهتمين برياضة الفروسية لأنه يحمل اسم الملوك جميعاً فيبقى حب هذه البطولة مستمداً من حب أولئك الملوك الذين مدت أياديهم بالخير لشعبهم ولكل من عرفهم وما زالت أياديهم ممدودة بالخير والعطاء حتى بعد وفاتهم من خلال ورثتهم وأعمالهم الخيرية والأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة ولا حصر لها.
إنه حق للفروسية أن تفخر وتفاخر بنفسها أمام الرياضات كافة على مستوى المملكة، وذلك لأنها الرياضة الوحيدة التي تقيم كرنفالاً يحمل هذا الكم من الكؤوس التي تحمل أسماء ملوك عظام، ولا شك أن لهذه الأسماء صدىً يرن في قلوب المواطنين وعقولهم لما له من تاريخ عاشه الكبير وعاينه، ويدركه الصغير بمنجزاته الشاهدة عليه، ويسمع به الجميع من خلال الصور التي تصل إليه، فهو مزيج من رياضة وتاريخ وأصالة ومعاصرة امتزجت في إناء واحد لتخرج بهذه الصورة الرائعة والعبقة وهو (كرنفال كؤوس الملوك).
هنيئاً للفروسية هذا الحدث الرياضي الأبرز، وهنيئاً لكل فارس فاز بكأس من كؤوس هذه البطولة كونها تختزل التاريخ والمجد والشرف، وهنيئاً لكل مالك من الملاك وهو يضيف إلى مجموعة كؤوسه إحدى هذه الكؤوس الغالية والعزيزة على قلب كل مواطن كونها تحمل أسماءً تفوق الذهب قيمة ومعنىً، وهنيئاً لنادي الفروسية وهو يقوم بتنظيم هذه السباقات التي يشرف عليها ولاة الأمر -حفظهم الله-، ولا عجب في ذلك فالخيول هي التي تبقى أحد الروابط الأساسية بين حاضر الإنسان العربي وماضيه، وهي الجوهرة المكنونة التي لا يتجادل حول حبها وعشقها اثنان، وليس هذا إلا غيض من فيض مما يوليه ولاة الأمر اهتمامهم به، وكلها في نهاية المطاف تشكل لوحة فنية في سماء الفروسية.
ختاماً، أهنئ الجميع بهذه المشاركة الفعالة، وأتمنى أن يستمر نادي الفروسية في تنظيم هذه المسابقات الفعالة والمثمرة والتي من شأنها حث الملاك والفرسان على التنافس الشريف وتربية الخيل والاعتناء بها وفق أعلى المستويات والمعايير الوطنية والدولية.
وفق الله الجميع، وحفظ الله بلاد الحرمين الشريفين وخادم الحرمين الشريفين ملك الفروسية وولي عهده الفارس الأمين.
** **
مالك إسطبل النشاما - المستشار القانوني لنادي الفروسية