د. خيرية السقاف
في إدارة تعليم الأحساء صدر القرار بإقصاء معلم عن مهنته لأنه ضرب تلميذًا كفًا عابرًا شاهدناه, لا يختلف عن كف يمكن أن يتلقاه من أبيه..
والمشهد المرئي للواقعة يجيب: المعلم نفد صبره, كرر توجيهه للطالب مرارًا أن يستقر, أن يصغي للدرس, أن لا يثير الضحك في الفصل,.. لم يستجب..
الطالب بدا عنيدًا مستفزًا, يسأله فلا يجيب, يكرر السؤال إليه بأنه طلب إليه عدم إثارة الشغب فيصمت, لم يجب معلمه إلا بعد أن نهره..
السؤال: أو لو كان هذا الطالب يتصرف هكذا مع أمه, أو أبيه في البيت فما ردة الفعل التي ستكون منهما؟!..
مما رأينا هناك محفزات لغضب المعلم, والمعلم أب إذ كيف نطلب من المعلمين أن يكونوا آباء من جهة, وننكر عليهم أن يعاقبوا أبناءنا من جهة أخرى, فيكون عقابهم إيقافهم عن العمل, والأولى التوجيه ولفت الانتباه, وليس قطع مصدر الرزاق عنهم..
ثم أهذا هو الحل الأمثل أن يمكَّن الصغار بقوة القرار من معلميهم مع أخطائهم تجاه معلميهم..؟ فما العقوبة إذن التي قُررت على الطالب ذاته..؟
من خلال العديد من قضايا التعامل بين الطلبة المشاغبين, الذين يحفزون على غضب معلميهم داخل الفصل, ويهدرون زمن الحصة الدراسية في الغوغاء والتوجيه, وتلك القرارات التي تصدر من قبل إدارات التعليم, فإن حاجة ماسة إلى ضبط القرارات الإدارية ضبطًا صارمًا, وتقييد العقوبات في حدود علاقاتها بحيثيات الواقعة, وتحديد الصلاحيات إذ يمكن أن تحل مثل هذه الأمور داخل المدرسة, وشمل الذين تقع عليهم النتائج من طالب, ومعلم, إضافة إلى الأسرة..
هناك بلا ريب خصائص العمر التي يكون فيها المراهقون يمرقون ببعض سلوك, ينبغي أن يتدبر شأن التعامل معه المعلم داخل, وخارج الفصل, إذ عليه أن يتأنى, ويحلم, ويتجاوز داخل الفصل ما استطاع, أو يحيل الطالب في لحظته إلى الإدارة, لكن لا ينبغي ألبتة أن يتعرض في حالة كالتي شاهدناها لعقوبة قصوى تمس قيمة المعلم, وتوغل بإيقافه عن العمل..
لو كنت مكان إدارة تعليم الأحساء لرددت الأمر إلى المدرسة, ولما تفاعلت مع إثارة النشر الإلكتروني للواقعة, ولعلمت أن مثل هذا النشر له عقوباته النظامية, ولعملت على رد اعتبار للمعلم, ولتقدمت بالاعتذار عن القرار, ولطلبت من الطالب تقديم الاعتذار له..
ولو كنت مكان الأسرة لمنحته حق الأبوة في لحظة غضب, حيث داخل الفصول حين يحرض طالب على الشغب قد تفلت أعصاب المعلم من فوضى قد يثيرها, واستفزاز عام قد يبدر من مجموعة الطلبة داخل الفصل.
فاسألوا المعلمين, والمعلمات بمثل ما تسألون الآباء, والأمهات عن عبث فوضى المشاغبين في الفصول, كما في البيوت..
ثم هناك برامج تأهيل سلوك ينبغي أن تكون ضمن أنشطة, وساعات محددة ينبغي أن تبرمج في المدارس لمواجهة مثل هذه الحالات الطلابية.
فأعيدوا للمعلم مهابته, دون أن تنسوا توجيه الطالب لما أخطأ فيه.