د. مساعد بن سعيد آل بخات
شهدت الفترة الماضية بعض التغيرات الجذرية التي طرأت على المجتمع السعودي, ابتداءً بتنظيم عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وإنشاء هيئة للترفيه, والسماح بقيادة المرأة للسيارة, وانتهاءً بفرض ضريبة 5%, والسماح للمرأة بدخول ملاعب كرة القدم والسماح بالترخيص بافتتاح صالات عرض للسينما.
ومن أهداف تلك التغيرات إعطاء كل فرد حقه كمواطن سعودي, فيعرف الفرد ما هي واجباته وما هي حقوقه أيضاً نحو الوطن, مما يعود في نهاية المطاف بالفائدة على الوطن ككل.
فالتّغير يُعد سنة من سنن هذا الكون الذي نعيش فيه.
وظاهرة التغير أوضح ما تكون في مظاهر الحياة الاجتماعية، مما جعل بعض المفكرين يدَّعون بأنه ليس هناك مجتمعات، وإنما يوجد تفاعلات وعمليات اجتماعية في تغير دائم وتفاعل مستمر، أما الجمود نفسه في أية ناحية من نواحي الحياة الإنسانية فأمر لا يمكن التسليم به أو الموافقة عليه، إذ يكفي أن ننظر إلى المجتمعات الإنسانية المختلفة من فجر نشأتها لنرى مدى التغير الذي أصابها في جميع المجالات خلال فترات تاريخها.
إننا حينما نُشيد بعلوم وحضارة دولة متقدمة فليس من أجل تمجيدها والافتتان بها, بل من أجل الاستفادة من بعض الأفكار والثقافات الجيدة الأخرى التي لا تتعارض مع الإسلام, ومن ذلك التقدم الصناعي في دولة الصين, والتطور العلمي في دولة فنلندا ..الخ.
فنحن بحاجة ماسة في وقتنا الحاضر إلى إزالة الشوائب والأفكار والعادات الخاطئة التي تُغلف عقولنا لنصل إلى مرحلة من الإطلاع والوعي الثقافي تُمكننا من إنتاج أفكار جديدة بناءة للوطن, , فنتزود بالمعارف والمعلومات, ونكتسب المهارات والاتجاهات, مما من شأنه أن يحقق لنا عمارة الأرض على منهج الله تعالى, وهذا ما نسميه «بالانفتاح الفكري» ملتزمين بتعاليم إسلامنا الخالد، ومتمسكين بقيمنا وأخلاقنا وعاداتنا الجميلة.
ومما يؤكد حاجتنا إلى «الانفتاح الفكري» ما نحن فيه من عصر التكنولوجيا وتقنية المعلومات, والتي قد تجعل من الانفتاح الفكري أمراً اضطرارياً أكثر منه اختيارياً.
فالفتوحات الإسلامية تُعد من الانفتاح الفكري المحمود لأنها اعتمدت على العلم والمعرفة وعمارة الأرض على منهج الله تعالى.
ومن الأدوات المتاحة لدينا لتحقيق الانفتاح الفكري: التعايش مع الآخرين, والتلاقح الثقافي مع الشعوب الأخرى, وتوظيف العقل والحواس, وقراءة الكتب والأبحاث, والاستفادة من التقنية بشكلٍ فعال, وتطوير المناهج الدراسية لتجعل من الطالب إنساناً يبحث ويسأل ويتأمل ويتدبر ويبدع ..الخ.
أما الانفتاح الفكري القائم على مفهوم (الحرية في كل شيء) أو (الوصول إلى وصف الدين بالانغلاق) فهذا مرفوض.
ختاماً ..
أتفق مع الانفتاح الفكري الذي سيطور من أداء الفرد والمجتمع, وأرفض أي انفتاح فكري يهدف إلى نشر الرذيلة والأفكار الهدامة للفرد والمجتمع أو يخالف عقيدتنا الإسلامية السمحة.