نادية السالمي
ذاق الخليفة العباسي المأمون متاع الحياة وتقلّب في نعيمها وحين سُئل: ما ألذ الأشياء يا أمير المؤمنين - استصغر كل نعيم واستهان بكل ترف، ليرفع من قيمة القراءة_ فقال: «التنزّه في عقول الناس».
وليس في قوله هذا كفر بالنعمة ولا تنكر لها، تمامًا كما ليس هناك أي أعراض للاكتئاب في قول أسلافنا من عشاق القراءة «الكتب تغني عن الناس» أو قول «مونتين» الكاتب الفرنسي « أن تقرأ يعني أن تجد الصديق الذي لن يخونك أبدًا».
كل ما ألمّ بهؤلاء العشاق هو أن القراءة تعرف كيف تستولي على شعورك وتسرقك من نفسك، وتقتل كل مخاوفك، لتخلق منك هوية جديدة إدراكها عميق بكل ما يحيط بك، أفقها واسع يعرج بك نحو السماء.
الطائف حين تبادر لتصنع الوعي:
منسوبو النادي الأدبي في مدينة الطائف بقيادة رئيس مجلس إدارة النادي الأستاذ «عطاالله الجعيد» وضعوا الأهداف وعملوا على تحقيقها، لهذا حددوا الهدف وهو بزوغ العلماء، ظهور المفكرين والباحثين وصناعة الكتّاب ثم اختاروا الوسيلة المناسبة للوصول إلى الهدف وهي القراءة الشفرة التي ارتقت بها الشعوب، وتقدمت من خلالها الأمم.
لهذا كانت هناك مبادرتان تحت قبة هذا الصرح الثقافي.. المبادرة الأولى تدوير الكتب واستبدالها، والمبادرة الثانية تبنّي مجموعة «إثراء» الثقافية.
-المبادرة الأولى تدوير الكتب لمحبيها وزوار النادي، ولدت من فكرة مشابهة في جامعة الملك سعود، وبمجهود من منتسبي النادي.
فكرتها البسيطة العميقة كالآتي: يهيء النادي حيزًا بعيدًا وبمعزل عن مكتبة النادي الرئيسية يتم فيه استقبال أي كتاب أو أي محتوى الكتروني، في شتى المجالات، تُحفظ وتُدوّن في سجل خاص يتم فيه عرض معلومات عن الكتَاب واسم المتبرع به، ولمن آل إليه الكتاب. كل ما عليك للمساهمة في هذا الحراك الثقافي أن تأتي بما تود استبداله من كتبك القديمة لتأخذ كتبًا أخرى بنفس العدد ونفس المجال كلما أمكن، وفي هذا خدمة للقراء، وتوفير للمال والجهد، وتبادل ثقافي معرفي بالاضافة إلى بناء أواصر متينة بين المثقفين قد ينتج عنها حراك ثقافي مفيد بين أبناء المدينة.
-المبادرة الثانية تخص فريق إثراء الثقافي قام بها «أحمد الشمراني»، «طارق الشمراني» ، «ثاني الجعيد» و «محمد الشهراني»
هذا الفريق الواعد سار في ركب الفيلسوف الانجليزي، ورجل الدولة «فرانسيس بيكون» القائل «القراءة تصنع الرجال» لهذا اجتهدوا في سبيل تحقيق كل مايدعم المعرفة والوعي.. آمن بفكرتهم، وحفّزهم، عضو مجلس الإدارة المسؤول الإداري في النادي الأدبي الدكتور «أحمد الهلالي» فانحاز النادي مشكورًا بكامل كوادره وإمكانياته إلى الفكرة ووقف مساندًا للشباب من أول بزوغ الفكرة، إلى توفير المكان المناسب لهم والظروف الملائمة داخل مقر النادي الأدبي.
فكرة المبادرة ذات الأثر العظيم على المجتمع - متى ما تم تفعيلها على أكمل وجه- تتلخص بالآتي:
«مسار أول يخص الفئة العمرية من 18حتى 30 سنة للجنسين يتم التسجيل فيه من خلال الرابط
https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLScSpvdTICiA00UbncL6cor8v06gAU5KH1lxS1wrG6kFckvD4g/viewform
يُعنى بتنشئة فريق يحمل نفس الرؤى، قادر على تحفيز أعضائه، ليستطيع تحقيق أهداف محددة تتفق عليها المجموعة، تهتم بالشأن الثقافي، وبناء علاقة وثيقة مع الكتب، وتأهيل كوادر تساهم في رفع قيمة الوعي وصناعة نجوم الغد، من خلال لقاءات وبرامج أسبوعية.
مسار ثان عام لكافة أبناء وبنات المدينة يعمل على عدة برامج شهرية لرفع الوعي ونشر المعرفة والحث على القراءة، يضم ندوات، ومعرض للكتاب المسموع، وعدة أنشطة يقوم بها الفريق المتكوّن والمهيّأ في المسار الأول، ويستعين بقامات وكوادر متميزة في مجالات شتى من خارج الفريق كلما أمكن.
التنمية تبدأ من خلالك:
لتشارك في تنمية بلادك بشكل جاد ونافع أمامك خياران لا ثالث لهما؛ إما أن تكتب ما يستحق القراءة. أو تفعل ما يستحق الكتابة عنه وعنك، وفي الحالتين يجب أن تكون قارئًا تمحص كل ما تقرأه وتحلل وتستنبط منه ما ينفعك، لتكُون بقدر الثقة، وأستاذنا «أمين معلوف» له في هذا رأي يقول فيه: إذا قرأت قراءة فعلية لأربعين كتابًا حقيقيًا خلال 20 عامًا فبوسعك مواجهة العالم».
هذا ما يحدث إذا قرأت:
القراءة تبني حضارة أنت مساهم فيها متى ما أخلصت، فالقراءة وفيّة بقدر ماتعطيها من وقتك أعطتك ومنحتك الوعي ودلّتك على طريق التنوير. القراءة تجنّبك المتاعب والكثير من الأخطاء . تعيد ترتيب الحياة فيك. تهذب سلوكك وتغيّر نظرتك للأمور. تقوي شخصيتك لتتجاوز سنّك.. تصنع لك أصدقاء لن يخذلوك أبدًا ماعشت. تعلمك الحرية متى تبدأ وأين تنتهي. تعلمك كيف تكتب، وكيف تُسخر الحروف لتكون رعيّتك، وأهلك، وصوت ضميرك وأغلى ممتلكاتك.