يوسف المحيميد
رغم أنهما هيئتان صدرت الموافقة على إنشائهما في يوم واحد، إلا أن واحدة سارت بطريقة سريعة جدًا، وسلسة للغاية، والثانية لم تزل تستعد منذ تلك اللحظة البعيدة، فهيئة الترفيه ركضت سريعًا، وحققت الكثير من الفعاليات والأنشطة، حتى أصبحت ملء السمع والبصر، بينما هيئة الثقافة لم تقدم شيئًا بعد يطمئن المجتمع والمثقفين على حد سواء.
كانت الثقافة منذ ضمها لوزارة الإعلام كلمة دخيلة على وزارة إعلام ليس لها من الثقافة شيء، مجرد اسم لا يقدم ولا يؤخر، لم تنجز منه سوى معرض الرياض الدولي للكتاب، وهو أصلا معرض قائم منذ أن كانت جامعة الملك سعود تنظمه، ثم استلمته وزارة التعليم العالي قبل وزارة الثقافة والإعلام، فهو منتج قديم تولته وزارة الثقافة والإعلام وهو مكتمل الصورة، ولم تضف عليه شيئًا يستحق الالتفات.
إن الثقافة التي نعرفها، بآدابها وفنونها وفكرها، لم توجد بعد في بلادنا، رغم ما تحفل به من أعداد كبيرة من المثقفين، الذين لهم مكانتهم عربيا وعالميا، لكن فضاءاتنا التي لم تستوعب الثقافة بمفهومها الشامل، ستبقى ناقصة حتى ولو ملأ الترفيه أيامنا!
لقد قضينا سنوات طويلة بإعداد استراتيجية الثقافة الوطنية، منذ أيام الوزير إياد مدني، أول وزير يحمل لقب وزير ثقافة وإعلام، ودعي لها عشرات المثقفين، وناقشوها، لكنها بقيت بأحلامها وطموحها حبيسة الأدراج، فما الذي ستقوم به هيئة الثقافة؟ هل ستنفض غبار الإسترتيجية؟ أم سترمي بها عرض الحائط، وتركض خلف الأصداء، وتحاول أن تلتقط ما تبقى من الترفيه، كي تراهن عليه، وتنافس هيئة الترفيه؟ هل ستوجه كافة جهودها وميزانيتها للسينما؟ بحجة أن هذا النشاط جديد علينا وهو مطلب شعبي قديم؟ وإذا كانت ستفعل ذلك فهل نسميها هيئة الثقافة أم هيئة السينما، بحجة أن الثقافة ليست سينما فحسب، ولو قيل بأن الثقافة الشاملة تحققت من قبل في أنشطة الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، فهذا الأمر غير دقيق، لأننا الآن نعيش زمنًا تغيرت طموحاتنا فيه، وأصبحنا ننتظر أنشطة نوعية، فماذا حقق الكتاب السعودي السعودي؟ ليس الكتاب الذي تنشره دور النشر العربية للسعوديين، بل ما ينشر في الداخل، وما يُشكل صناعة كتاب، ويؤثر في الناتج المحلي الإجمالي؟ ماذا حقق المسرح الجاد؟ وحتى غير الجاد في صناعة المسرح؟ ماذا حققت الفنون البصرية، تشكيلية وفوتوغرافية في السوق الفني؟ ماذا حققنا في مجال آداب الطفل وتثقيفه؟ أين المراكز الثقافية والمكتبات في الأحياء والمدن والقرى؟ و.. و.. إلى آخره من أسئلة لا تنتهي، نوجهها إلى هيئة الثقافة.