سعد السعود
عانى الشباب فنياً منذ رحيل الداهية البلجيكية ميشيل برودوم ما عانى.. فتثاقلت خطواته.. وتتالت عثراته.. فبات فاقداً للذاكرة.. حتى خشينا أن ينسى لاعبوه شكل الكرة.. فتعاقب المدربون عليه من مختلف المدارس والجنسيات.. لكن كل من قدم كمدرب ما يلبث بعد شهور إلا ويحمل حقائبه ويغادر.. فعاش الليث في دوامة بدأ بها من سنوات ولم يعرف كيف ينتهي منها.
وبسبب هذا العمل الفوضوي.. ولفشل كل من حضر على الدكة.. ليدير الأمور التكتيكية.. أصبح وجه الليث شديد السواد.. وتحولت شعلة تميزه إلى ما يشبه الرماد.. فبعدما كان ملء السمع والبصر ينافس على البطولات.. تغير في لمح البصر إلى فريق يصارع على الهبوط فأدمن العثرات.. لتتساقط أنيابه.. وتتقلم مخالبه.. فتبدل حاله من فريق يخافه الجميع.. إلى غريق يخاف هو الجميع.
ولأن مهما كان الظلام حالكاً فلا بد للنور من بزوغ.. ومهما كانت الزوايا موحشة فلا بد لنافذة الأمل من سطوع.. فلم أستغرب عودة النبض لليث من جديد وإن كان ما زال في بدايات الوثبة.. فمن اعتاد القمة لن تسقطه العثرة.. ومن كان يوماً له الصدر بين العالمين فلن يرتضي أن يوسد القبر.. ليكون حضور كارينيو بمثابة إعادة الانتعاش.. بعدما كان الفريق قريباً من النعش.. فقدم عملاً يشار اليه بالبنان.. سواءً على الصعيد الخططي أو حتى الاستعانة بالصغار الشبان.
فمدرب يحقق انتصارات في آخر مباريات رغم تواضع الأدوات.. مدرب كهذا لا يمكن أن يكون مجرد رقم تدريبي.. فالفكر الذي يحمله مختلف جداً.. يجمع بين الأفكار الفنية والحوافز النفسية.. فحوَّل لاعبيه من مجرد أشباح إلى جذوة قتالية وروح.. فتعددت الطرق.. وتألق اللاعبون كما لم يتألقوا من قبل.. ليعيد للفريق الأمل.. بما قدمه من عمل.. فعادت الابتسامة لمحيا المحبين.. بعدما ظنوا كل الظن ألا تبسُّماً.. وإن كان الحكم ما زال مبكراً حيث تبقى الكثير ليكتمل العمل ويتم.
وبظني مدرب كهذا هو أشبه بالكنز الثمين.. مجرد التفريط به سيكون ضرباً من الجنون.. خصوصاً بعدما صنع من الشباب المتواضع قبل قدومه ما صنع.. فضلاً عن تجربته الثرية بالنصر.. ولذا فأهم صفقة شبابية منتظرة فيما هو قادم من أيام.. هي التجديد لهذا الداهية لأعوام.. قبل أن تخطفه الأندية المنافسة.. ومتأكد أنه متى أخذ وقته مع كتيبة الليوث وتوافرت له الأدوات المطلوبة وأشرف على معسكر الفريق في الصيف وحدد بالضبط احتياجاته.. فسيعيد لليث سيمفونيات عزفه.. وينثر فنه.. لتكون المنصات من جديد هي هدفه.. فهل يفعلها رجال الشباب ويجددون مع المدرب الكبير لسنوات قادمة؟! أم يتركونه يرحل ليندموا على التفريط به ويعودون لذات الدوامة؟
قبل الختام
مما قرأت: أن تكون حكيماً في الوقت المناسب فذلك تسعة أعشار الحكمة.