د. خيرية السقاف
أثق أن كل تغيير يحتاج إلى تدبير, وأن هذه هي القاعدة الأساس في سياسة أي تجديد يرغب في أن ينتهجه من يريد فلاح الفئة المستهدفة لأي هدف, وفي أي مجال.. ولقد اتبعتها شخصياً في تجربتي الإدارية, ووجدتها ناجعة, مثمرة.. كان لها عوائدها, وحصادها في نجاح من خضعن لتدبير التدريب, مع اختلاف ما كان, عمَّا سيكون في موضوعنا اليوم..
فالموضوع أن وزير العمل قد أصدر أمس الأول قراراً بحصر مهنة البيع في عدد 12 منفذاً بمختلف نشاط كل منفذ على المواطنين فقط, وحدد موعداً لبدء تنفيذ تطبيق الممارسة فيها عند بداية السنة القادمة..
هذا القرار يتطلب من التدابير إخضاع الراغبين فيه لدورات في اختصاص كل مجال, تحديداً في المعلومات الخاصة بالأدوات الكهربائية, والأجهزة الإلكترونية, وقطع غيار السيارات, ومواد الإعمار والبناء, وخامات السجاد, والملابس, فالبائع لا يكفي أن يعرف رقم القطعة المنتقاة من قبل المشتري, أو المنتج الذي يُطلب مرغوباً فيه تحديداً, قدر ضرورة الإلمام بمستوى تصنيعه, وخاصية استخدامه, ومدى مواءمته لحاجة متطلب المشتري بدقة.
فالتغيير يستدعي التدبير, ولكل بداية اتجاهها, ومسارها, وكي ينجح العامل في مهنته, عليه أن يؤهَّل لمزاولتها تأهيلاً نفسياً, وسلوكياً إلى جانب معرفياً..
ثمة ما يُضاف إلى هذه التدابير الخاصة بموضوع المجال, وهو التأهيل السلوكي للبائع, ولذلك يحتاج القرار قبل تنفيذه لاستقبال الراغبين فيه, وتأهيلهم بعقد دورة في العلاقات العامة لا تغفل توجيههم لسلوك العمل في مناحيه المختلفة, وكيفية مواجهة الجمهور, وأخلاقيات المهنة من حسن التعامل, والصبر على جهد التفاعل, واللماحية في المواقف, وحسن إدارتها..
إننا نسعد في المنافذ عند الشراء بمن يتحكم في ضبط جأشه عند مواجهة الضغط, أو أي تصرف نزق من بعض العملاء, أو جهل بعضهم ما كان, أو إلحاحهم بالأسئلة عمَّا يريدون, فنجد المهذبين من البائعين من يأخذ باحتواء المواقف وهو راض, هادئ يبتسم, بينما يحزننا من نجده يتذمر, أو يتجاهل عن الإجابة.
إن منافذ البيع التي حددها قرار الوزير جميعها تختص بالتعامل اليومي مع الجمهور.
وشبابنا لم يتأهل جميعهم بعد لمثل هذه المهن, لا نفسياً, ولا خبرة, ولا ذهنياً, لذا ينبغي إعدادهم, وتأهيلهم, كي ينزلوا في مواقعهم بما يحقق فيها نجاحاً يواكب العزم نحو مهنية الجيل, وتمكينهم من العمل بمختلف أنواعه, ومجالاته, ورفع مستوى دافعيتهم للإنتاج الذاتي المثمر..
على أننا نواجه الآن من شبابنا في مبيعات المجمعات التجارية, والمطارات, ومكاتب بيع التذاكر والحجوزات, ومنافذ السفر, والمصحات ما تُثلج به الصدور من وعي, ورحابة, ومبادرة, لكن في الأغلب لا تزال ربكة المستجد في سلوكهم تومئ بحداثة خبرتهم في الممارسة..
والتدريب هو البوتقة الواعية للإعداد, والمخرج الوسيع لوصولهم لسدة الفلاح في مهنهم..
وأحسب أنه لم يفت على نباهة الوزارة, لإقامته خلال ما تبقى من الوقت لحين تنفيذ القرار.
وفق الله أبناءنا وهم يتصدرون منافذ المهن, وسيبدعون بطموحهم, وهممهم إن شاء الله.