يوسف المحيميد
رغم أنني كتبت مرارًا عن الحوادث المرورية، والمخالفات المرورية المميتة، وموت الشوارع، إلا أن هذا الموضوع هو فعلا موضوع مؤرق، ويستحق الكتابة مرارًا، خاصة إذا كان ثمة بصيص أمل في تقليل هذا الموت اليومي، وإيقاف الشعور بالفقد الذي تعيشه كثير من الأسر بسبب الحوادث، تلك الحوادث التي تحدث غالبًا بسبب السرعة العالية واستخدام الجوال أثناء القيادة، وغيرها، فما نشرته وزارة الداخلية والمرور السعودي مؤخرًا، يكشف انخفاض معدل الحوادث بنسبة 16 بالمائة تقريبا خلال الربع الأول من العام الجاري 1939 مقارنة بالعام الماضي، وهذا مؤشر مطمئن، تُشكر عليه قيادة المرور السعودي، ويعزز الأمل لدينا أن بالإمكان ضبط القيادة حسب القواعد المرورية واشتراطات السلامة في الشوارع وعلى الطرق السريعة والطويلة.
أعتقد أننا إذا سرنا بنفس الوتيرة من ضبط الأداء المروري، وتقليل الحوادث - بإذن الله - سنجد أنفسنا قد تخلصنا بنسبة عالية جدًا من هذه الحوادث الشنيعة في العام 2023، وهذا غير مستحيل إذا استمرت المتابعة والرقابة على الطرق والحزم في تنفيذ العقوبات، بل وازدادت بشكل يجعل قائدي المركبات يحترمون النظام، ويتوقفون عن التهور والجنون الذي قضى على مجتمعنا، إلى درجة مقاربة أعداد موتى الحوادث بقتلى الحروب.
فهل ما تعيشه المملكة من تسارع نحو المستقبل، وحزم في القرارات، وتطبيقها، وتطلعات نحو تحقيق رؤية المملكة 2030، بكل ما فيها من طموح اقتصادي واجتماعي، قد يسهم في ترتيب كافة أوضاعنا، بما فيها إعادة تأهيل شوارع مدننا وطرقاتها، وتطبيق لوائح المرور وقيادة المركبات، بطريقة تجعل السير في الشوارع متعة ورقي، بدلاً من الرعونة والتهور، والتنافس على كسر القواعد، والاستهانة بالأنظمة واللوائح، التي لا تقتصر على المراهقين فحسب، وإنما تشمل حتى الناضجين، مواطنين أو وافدين.
وهذا الأمر ليس صعبًا، ولا مستحيلا، فمن يطلع على المدن الاقتصادية والصناعية، أو ما يتبع أرامكو السعودية من منشآت ومرافق، وأنظمة السير المتقدمة فيها، وتطبيقها بشكل دقيق ورائع، وشروط السلامة أيضًا، يدرك أن الأمر قابل للتطبيق، لو تمكنا من الاستفادة من هذه التجارب، وقمنا بتطبيقها تدريجيًا على المدن المختلفة.