د. أحمد الفراج
في مفاجأة متوقّعة، تضمن حفل جوائز قرامي الشهير، قراءة مرشحة الرئاسة السابقة، هيلاري كلينتون، لمقتطفات من كتاب النار والغضب، للمؤلف مايكل وولف، وكان ما قرأته هيلاري يتضمن سخرية من عادات ترمب الغذائية، وقد لاقى سلوك كلينتون استحساناً من خصوم ترمب، وغضباً من أنصاره، وقد رد عليها ابن ترمب، دون جونيور، على حسابه في تويتر، وقال إن سلوك هيلاري هو أفضل تعزية لها بعد خسارتها للرئاسة، ثم أضاف: «كلما ظهرت هيلاري على التلفزيون، كلما أدرك الأمريكيون كم هو أمر عظيم أن ترمب هو سيد البيت الأبيض»، كما ردت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، والتي قالت إن هذا حفل موسيقي، تم السماح لهيلاري كلينتون بإفساده.
لا شك أن هيلاري كلينتون، المحامية الناجحة، سيدة طموحة، وقد زاد من طموحها النجاح السياسي لزوجها، بيل كلينتون، وهو الذي فاز بمنصب حاكم ولاية اركنسا عدة مرات، ثم فاز بترشيح الحزب الديمقراطي، ومن ثم رئاسة أمريكا، أمام خصمه الشرس، جورج بوش الأب، في عام 1992، وقد تبنت المؤسسة الأمريكية الرسمية هيلاري، بعد أن رأت فيها الشخصية المثالية، التي يصلح تقديمها لتصبح أول سيدة ترأس الولايات المتحدة، وقد عانت هيلاري كثيراً، بعد خسارتها لترشيح الحزب الديمقراطي أمام باراك أوباما، في عام 2008، إذ لم تكن تتوقّع أن تخسر أمام مرشح مغمور، ينتمي للأقليات العرقية، وهذا ما جعلها تعاند، وترفض الاعتراف بالهزيمة، قبل أن تذعن لضغوط الحزب، وتقبل بالأمر الواقع والمر، وتنتظر ثماني سنوات، لتترشح للرئاسة مرة ثانية.
كانت فترة الانتظار طويلة على هيلاري، إذ إن حلمها بالفوز بالرئاسة كان مثل الهوس الذي يلازمها على الدوام، ولذا عملت بكل جهد في الانتخابات الماضية، عام 2016، ومع أن الحزب الديمقراطي وضع كل ثقله خلفها، إلا أنه بالكاد استطاع أن يساعدها في تجاوز منافسها على ترشيح الحزب، السيناتور برني ساندرز، رغم أن ساندرز كبير في السن، واشتراكي عتيد، والسبب يكمن في مشكلة هيلاري الأزلية، إذ إنها لا تملك موهبة التواصل مع الناس ولا الكاريزما، التي يملكها زوجها بيل كلينتون وأوباما، وهذا هو ما جعلها تخسر معركة الرئاسة، أمام سياسي مستجد، أي دونالد ترمب، والذي يعتقد كثير من المعلّقين أنه كان سيخسر أمام برني ساندرز، منافس هيلاري على ترشيح الحزب الديمقراطي، والخلاصة هي أن ظهور هيلاري كلينتون المتكرر، يشير إلى أنها لا تنوي التقاعد، وربما تفكر في إعادة كرة الترشح للرئاسة مجدداً في انتخابات 2020، وهنا سيكون الحزب الديمقراطي أمام تحد كبير، فإما أن يغامر ويقدّمها مجدداً، فيما يشبه الانتحار السياسي، رغم علمه بصعوبة فوزها، أو يجبرها على التنحي، لتقديم وجه ديمقراطي جديد، من شاكلة أوباما، وسيكون انتظار حدوث هذه التطورات مثيراً!