ماجدة السويِّح
جيسيكا ريشلي فتاة أمريكية تصدرت قصتها صحيفة النيويورك تايمز، حيث استيقظت ذات يوم لتجد نفسها تشترك اسما ورسما مع حسابات أخرى، انتحلت اسمها وصورتها لمتابعة حسابات غربية وعربية وأخرى إندونيسية، وتروج لمشاريع وحسابات لا تعلم عنها شيئا.
كم من شخص استيقظ ووجد اسمه أو صورته أو كلاهما معا في حساب مزيف؟! ربما كان في نفس موطنه أو في بلد آخر يبعد عنه ملايين الأميال.
وكم من حساب شهير شهدناه يتبعه الآلاف بل الملايين من المتابعين المزيفين على تويتر أو الفيسبوك وغيرهما من منصات التواصل الاجتماعي؟!
تحقيق النيويورك تايمز سلط الضوء على ظاهرة عالمية حول صناعة الأتباع وعن السوق السوداء، التي تتضخم يوما بعد يوم، وتمتهن بيع المتابعين، وربما انتحال الشخصيات، لبيعها على الباحثين عن الشهرة والتأثير المزعوم.
التحقيق الاستقصائي يعيد للواجهة حقيقة المتابعين الوهميين لبعض الشخصيات البالونية، التي تواصل في نفخ ذاتها بالكذب والتزييف طمعا بالشهرة والتأثير، وربما التكسب من باب الإعلانات والرعايات الإعلانية، فالحسابات المليونية ما هي إلا أكذوبة ذاع صيتها من المتابعين الوهميين، الذين تم شراءهم من السوق السوداء.
كشفت الصحيفة أن الحسابات الوهمية ترجع كلها إلى شركة «ديفومي» التي استثمرت في بيع الوهم وإشباع غرور المشاهير وشبه المشاهير بعدد المتابعين، والاحتراف في خداع الجمهور، الذي يسهل خداعه أحيانا بعدد المتابعين وإعادة التغريد، كما كشفت النيويورك تايمز أن الشركة استثمرت 3.5 مليون حساب آلي تمت إعادة بيعه عدة مرات، بالإضافة إلى توفير شركة «ديفومي» 200 مليون متابع على توتير، ما يميز هذه الحسابات الآلية أنها كانت متقنة الصنع وشبيهة بحسابات أشخاص حقيقيين، من خلال سرقة واستخدام الصور الشخصية والأسماء.
الحسابات المزيفة صناعة حديثة لا تخلو منها الشبكات الاجتماعية، وتكمن خطورة تلك الحسابات المزورة في التأثير على الجمهور في مسألة الإعلانات، أو استخدامها في الأمور السياسية، بالاضافة لاستخدامها في الحروب الإعلامية وتدمير سمعة وصورة الشركات والأشخاص.
التحقيق الاستقصائي راجع بيانات عملاء شركة الوهم، وكانت المفأجاة أن السياسيين والحكومات في الخارج كانوا من أهم العملاء، كما أن عضو مجلس تويتر نفسه لديه بعضا من المتابعين الوهميين طبقا للمثل المعروف «باب النجار مخلع»، بالإضافة إلى بقية العملاء من نجوم الرياضة والفن ورجال الأعمال.
المعضلة أن إنشاء وبيع تلك الحسابات يصعب الكشف عنها، كما لا يمكن تجريمها لأنها تعتبر قانونية، ما لم تنتهك وتسرق الشخصيات الحقيقية.
وختاماً.. اقترح أن تبادر الصحافة السعودية لاستقصاء وكشف الوهميين من عشاق تجميع الأتباع، كما فعلت النيويورك تايمز، ووضعهم في القائمة السوداء أسوة بقائمة هلكوني للشهادات الوهمية على تويتر، لنرفع من مستوى الوعي بين الناس بحقيقة هؤلاء المدعين والمؤثرين المزيفين.