زكية إبراهيم الحجي
التحدي الأكبر أمام أي إنسان هو أن يتغير أو يتقبل أي تغير يطرأ إما على مستوى حياته أو على مستوى الوسط المجتمعي الذي يعيش فيه.. يقول المثل: «إنك لا تنزل النهر مرتين» وذلك لأن ماء النهر يتجدد باستمرار ولو توقف لتحول إلى مستنقع راكد.. والإنسان كائن متغير وكل شيء داخله وحوله في تغير مستمر يمضي في حياته يفشل وينجح.. يسافر ويستقر يحب ويكره يتحول من ثراء فاحش إلى فقر مدقع أو العكس.. يقابله أناس يدخلون في عالمه ويخرج آخرون وهكذا دواليك دائرة عجيبة يدور الإنسان في فلكها منذ وُجِد على سطح البسيطة.
موجات التغيير في عالمنا المعاصر متقاربة وسريعة وحركة التغيير السريع تشير إلى قوة كامنة خلف الإثبات.. إثبات الذات وإثبات قدرة التقبل لأي متغيرات تحدث خاصة تلك المتغيرات الإيجابية التي تحدث على مستوى المجتمع أو على مستوى الوطن.. باستثناء البعض من أولئك الذين تنقصهم ثقافة القبول بالمتغيرات والتأقلم معها «وهم قلة» هذه القلة تأنف التغيير وتتصدى له.. بل تظل تهدر طاقاتها تحسراً على معتقدات واتجاهات مرفوضة في زمن يتجه فيه العالم بأكمله نحو التغيير والتجديد في ظل ما يشهده من ثورة معلوماتية وتطور اقتصادي واجتماعي وقفزة هائلة في فضائيات الإعلام.
التغيير سنة إلهية يقوم عليها هذا الكون في كل مكوناته المادية والمعنوية.. والمجتمعات البشرية تتأثر إما سلباً أو إيجاباً بكل ما هو متغير إلا أن الجميل في حركات التغيير التي نشهدها خاصة في وطننا أنها تتجه نحو الفئة الغالبة في مجتمعنا ألا وهي فئة الشباب.. لتجعل منه وسيلتها ومادتها ومحل أفكارها وإطار حركتها ومنجم وقودها الذي يُسَيّر دفة التنمية بجميع مجالاتها.. هذا عدا طبيعة الشباب الذي يتوق للتغيير ويستهويه كل جديد وتراوده آمال التغيير في عصر اتسم بانفتاح وتوجه لصناعة قيادات شبابية جديدة وشريكة ويُعتمد بشكل كبير على رؤاهم الإبداعية وتطلعاتهم نحو خدمة المجتمع والوطن.
والحق يُقال بأن الاتجاه نحو التغيير في مجتمعنا كان هاجساً يراودنا إلى وقت قريب.. ولكن ليس هناك من عملية تغيير تحقق أهدافها إلا كان وراءها قيادة آمنت بفكرة التغيير وتشربتها وتفانت في سبيلها ذلك أن الأفكار لا تتحقق إلا بالذوبان فيها حتى يصبحوا أدلاء عليها وهذا ما بدأ يتحقق في وطننا الغالي.. وفي ظل قيادة حكيمة لم يعد وطننا يؤمن بمساحة وسطية ضمن إطار متغيرات تسابق الزمن لتؤتي ثمارها دون مقاومة أو مساومة فثقافة التغيير تستهدف استبدال واقع مقام لم يحظ بأي تغيير منذ عقود إلى واقع يواكب متطلبات عصر الانفتاح في إطار رؤية 2030.