د.عبدالله الغذامي
من جماليات الثقافة المغربية تعريب مصطلح ( أيديولوجي ) إلى ( فكروية ) أو ( فكرانية ) وكلاهما يشيعان في كتابات المغاربة ، وهو تعريب يقرب معنى المصطلح في الذهن العربي ويرفع عنه اللبس الذي يقع عند كثيرين حيث يظنون أن آلأيديولوجيا تعني الدين ، وتقع كثير من المناقشات الملتبسة تبعا لهذا التصور الخاطئ ،والتعريب المغربي هنا يفتح المجال للتساؤل عن مقاصد المصطلح ،ويظل المصطلح ملتبسا وتقع فيه الخلافات والتأويلات ، وهو في كل أحواله مصطلح سلبي ، ويشير إلى تعنت الذهن وتعقيد السلوك ، وسيجد الباحث في دلالات هذا المصطلح أنواعا من التفسيرات والاستخدامات التي تتنوع حتى لتتعقد ، ولكنها كلها تصب مصب السلب باتفاق ، وعندي أن أقرب تصور لمعناه هو أن نستخدم مصطلح ( الفكر ) والفكرة ، كما هو جذره الأجنبي ،ونقول إن الآيديولوجيا هي وصف لحالة سيطرة الفكر على التفكر ،والأصل أن الفكر ينتج عن التفكر ثم ينمو معه ، ولكن حين يسيطر الفكر على التفكر فإنه يعطل التفكر أولا ، ثم يحول منتج الفكر ليكون عبدا لفكرته ، وهذا هو المقصد بدلالة الأيديولوجيا ، حين ترسم سلوك المرء ولا تسمح له بالانعتاق منها فيلزم نفسه ويلزم غيره ويجعل الفكرة مسلكا قسريا وكل مخالفة لها تستدعي محاسبة صارمة ، معنويا وحسيا ، وهذا ما حول الماركسية من فلسفة منفتحة للتفكر والتنامي أو قابلة للتفكر لكنها صارت فكرا منغلقا ثم مسلكا منطويا على نفسه لدرجة أنه قضى على ذاته بانتحار كوني شهده العالم بسقوط الاتحاد السوفياتي ، ولم يسقط الاتحاد السوفياتي بحرب كونية شنت عليه ولكن قتلته أيديولوجيته من داخله ، وهذه مغبة سيطرة الفكر على التفكر ، بحيث إن كيانا عظيما أصيب بالعمى مما أعماه عن نفسه وخطوه حتى وقع ، وكل حالة تعطل للتفكر فهي حالة أيديولوجيا سالبة تعمى صاحبها وهذه سلبيتها التي تجعلها مصطلحا مرفوضا وفي خانة النقد المتصل.