فهد بن جليد
برأيي أنَّ هناك تشابهاً بين علاقات الدول، وعلاقات الأفراد ونظرتهم للآخرين - على الأقل من ناحية المشهد العام لفهم الحقيقة ووصفها - فكما أنَّ هناك أشخاصاً يعانون من مشاكل واعتلالات نفسية وأخلاقية بانشغالهم بغيرهم والتدخل في حياتهم الخاصة، هناك دول تعاني ذات الأزمة مع غيرها، وهو ما يُفسِّر تصرفات بعض الأنظمة في المنطقة، ومحاولاتها المُتكرِّرة والبائسة التدخل في شوؤن الآخرين عبر وسائل الإعلام (قناة الجزيرة أنموذجاً) أو عبر دعم التنظيمات والأحزاب الإرهابية (كحزب الله وتنظيم الإخوان).
تبدو علاقات بعض الدول كذلك تماماً، غير بعيدة عن حالة البؤس هذه التي يعانيها الأشخاص العاجزون عن فهم حقيقة أنفسهم واحتياجاتهم وتقييمها بالشكل الصحيح، وفشلوا في تطوير ذواتهم والرفع من شأنها، بدلاً من التدخل في شأن غيرهم، لتظهر وتنكشف دسائس ومكائد تلك الدول العاجزة عن حل مشاكلها، وعلاج أزماتها، أو حتى فهم دورها وحجمها الطبيعي، عندما تنغمس بالتدخل في شؤون غيرها، تأكيداً لعقدة تدني الوعي والفهم واحترام حدود وحقوق الآخرين والالتزام بها، بمحاولة تصدير الأزمات الداخلية للخارج، والتغطية على فشل أنظمتها.
حكاية الجار السييء ستظل مُتشابهة بين الدول والبيوت، فكما أنَّك قد تعاني من تدخلات جارك السيئ وانشغاله طوال الوقت بمُراقبة شؤونك المنزلية، ومحاولته التأثير سلباً على أفراد عائلتك، بدلاً من تفكيره الإيجابي لخلق علاقة صحيحة وسليمة قائمة على احترام حقوق الجار وفق التعاليم الإسلامية، والأعراف والقيم الإنسانية والأخلاقية، أو على الأقل الانكفاء لشؤونه المنزلية والعائلية الخاصة والاهتمام بها بدلاً من إيذاء جيرانه، فهناك دول أيضاً تعاني من مثل هذا الجار السيئ الذي لن تفلح معه كل أساليب التعايش والتفاهم والاحترام وحسن الجيرة، ولعلَّ النموذجان الإيراني والقطري هما أوضح حالة ينطبق عليها مثل هذا المفهوم، فهما وجهان لعملة واحدة تعكس هذا النوع من الجيرة السيئة على دول الخليج العربي ومصر والدول العربية والإسلامية الأخرى، التي عانت من تدخل هذه الأنظمة في شؤونها الداخلية، ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار فيها، ودعم التنظيمات الإرهابية، بتوافق أطماع نظام الملالي وخيانة مُرتزقة الإخوان، مع غباء وسذاجة نظام الحمدين وأخلاقه وعقده الفردية تجاه نجاح واستقرار جيرانه الكبار.
وعلى دروب الخير نلتقي.