سمر المقرن
في تصنيفي الشخصي أن إهمال الطفل هو من أخطر أنواع العنف، وتكمن خطورته في كونه غير مرئي ولا يُمكن اكتشافه بسهولة. ويتضاعف الخطر في حال كان الطفل مصاب بمرض، فهنا النتائج المترتبة على الإهمال توصله إلى الموت عبر أقصر طريق.
من الأمور التي وقفت عليها وتابعتها قضية إهمال الأطفال المصابين بمرض السرطان، تابعت بعض القصص التي تدمي القلب وبحسب متخصصين ناقشتهم في هذه القضية أوضحوا لي أن الإهمال يتركز في عدة جوانب، أكثرها وصول الطفل المصاب للعلاج متأخراً بسبب رفض الأهل لعلاج الطفل بالكيماوي واكتفائهم بما يعتقدون أنه كافياً من علاج روحاني يتمثل في قراءة القرآن على الطفل المريض، وأنا أؤيد قراءة القرآن ولا أرفضها لكن يجب أن يفهم مثل هؤلاء أن القراءة ليست كافية للعلاج وإنما هناك مرض يحتاج لعلاج منتظم بالمستشفى، وأن قراءة القرآن على المريض هي جزء من العلاج النفسي فقط، ولا دخل لها بالعلاج العضوي! في مثل هذه الحالات نحتاج إلى آلية قانونية تعاقب هذه الأسر المهملة ولا يكتفى بأخذ تعهد كما تفعل لجنة حماية الأسرة، تخيلوا معي لو تم إيصال والدين مهملين -أو أحدهما- إلى القضاء وخروج حكم قضائي عليهم فبلا شك هذا سيجعل الآخرين يرتدعون عن إهمال الطفل المريض!
الأمر الآخر المتمثل في إهمال الطفل المصاب بمرض السرطان، يتضح من خلال إهمال مراجعاته وأدويته ويحدث هذا -أحياناً- عندما يكون هناك خلاف بين الوالدين فيقع الطفل المريض ضحية هذا الخلاف، بل إن بعض الآباء يكون قاصداً أن يقهر الأم بهذا الفعل، مثل هذا الأب لو حصل على عقوبة وحكم قضائي فسوف يخاف غيره من الآباء معدمي الضمير. أيضاً من صور الإهمال والجهل عدم وجود أوراق ثبوتية للأطفال وفي هذا ضرر مباشر على الطفل المريض حتى لو تم علاجه كحالة استثنائية بلا أوراق ثبوتية فإن هذا صعب جداً في حال حاجته لعملية جراحية خصوصاً في حالات زراعة النخاع!
من يبحث في مثل هذه القضايا يرى العجب العجاب من صور الإهمال سواء المتعمّد أو غير المتعمّد تجاه الطفل المريض بالسرطان. وبما أننا هذا الأسبوع نعيش أيام حدث عالمي سنوي المخصص لمكافحة السرطان، فكان لا بد من التذكير بهذه القضايا، بل والمطالبة بإيجاد مستشفيات متخصصة لهذا المرض في جميع مناطق المملكة إذا ما نظرنا إلى ازدياد نسبة هذا المرض الذي وصل إلى ما يقارب 175 ألف حالة سنويًا على مستوى العالم، كما أنه لا يوجد لدينا سوى مستشفى واحد متخصص بالرياض ويقدم الخدمة العلاجية للأطفال بأعلى المستويات لكن تظل سعته السريرية قليلة مقارنة بانتشار هذا المرض، كما أن أحد أسباب إهمال الطفل المصاب عدم قدرة بعض الأهالي على السفر والتنقل مع أن الحكومة لم تقصر معهم فكل طفل مريض تصرف له ولشخصين مرافقين تذاكر سفر ومصروف يومي، مع ذلك يظل الإهمال قائماً.. وشفى الله كل مريض.