د. محمد عبدالله الخازم
تعتبر هيئة التخصصات الصحية إحدى أهم المؤسسات الصحية المعنية بصيانة الأمن الصحي عبر تصنيف الممارسين واعتماد شهاداتهم وبرامج تدريبهم وغير ذلك من المهام، ويلاحظ أنها تعلن بين حين وآخر عن أرقام من تم ضبطهم من ذوي الشهادات والمؤهلات المزوّرة أو غير المتوافقة مع مهام الأعمال التي يقومون بها، وبحكم أن المملكة تستقطب كوادر من مختلف دول العالم وتسعى بالذات في القطاع الخاص نحو استقطاب كفاءات غير مكلّفة، فإن الأمر يصبح طبيعياً أن تكون أعداد المخالفين أو المزوّرين كبيرة ولافتة للانتباه. والوضع لا يشمل الأجانب فقط، بل كذلك السعوديون والمقيمون داخل البلد وإن كان بنسبة نتمنى أن تكون أقل بكثير ممن يأتون من الخارج.
رغم كل تلك الجهود نكتشف بين حين وآخر حالات لم يتم ضبطها ورغم ذلك تستمر في الممارسة، فنبدأ بتقريع هيئة التخصصات الصحية على تقصيرها. إحدى الصحف نشرت تحقيقاً أشارت فيه إلى رفض هيئة التخصصات الصحية وأمينها العام التجاوب مع تحقيق أجري بغرض الحديث عن حالة تلاعب في التصنيف وعدم ملاءمته للمؤهلات التي تخص ممارساً سعودياً، ومبرر الهيئة هو عدم الرغبة في مناقشة قضايا فردية على المستوى الإعلامي وهذا حق لهم وللممارس - أياً كانت مخالفته- عدم التشهير به بدون مستند نظامي يبيح ذلك، لكن المشكلة الكبرى هنا؛ ومن يضمن عدم استمرار الشخص في الممارسة والإضرار بالمرضى، وخصوصاً عندما يكون مواطناً أو مقيماً لا يمكن إبعاده عن البلد، وفي ظل سوق كبيرة فيها الغث والسمين؟
أعتقد بأن هيئة التخصصات الصحية مطلوب منها تطوير أنظمتها بحيث يُتاح لها بعد فترة زمنية من ضبطها للمخالفة وبعد إنهاء أية قضية متعلّقة بها إعلان أسماء المخالفين لتكون متاحة للجمهور ولجهات التوظيف وللإعلام. على سبيل المثال عندما يقدم شخص مؤهل مزوّر للممارسة كطبيب أو صيدلي أو ممارس فإنه يمنح ستة أشهر للاعتراض أو رفع قضية أو التظلّم لدى الهيئة حول قرارها فإن لم يفعل فيحق للهيئة نشر اسمه ومخالفته وإن فعل واحتج فيكون الإعلان بعد تسوية قضيته في حال استمرار ثبوت المخالفة.
لا بد من الجرأة والشفافية في هذه القضايا التي تمس حياة الناس ورفض هيئة التخصصات الصحية منح الممارس تصنيفاً لا يضمن عدم ممارسته وإيذاءه للناس، وبالتالي عليها اتخاذ الخطوة اللازمة عبر أنظمة واضحة بالإعلان بشكل منتظم عن الحالات المكتشفة ونوعها والعقوبات المتخذة عليها. أحياناً يكون الخطأ في مستوى التصنيف وليس في حرمان الممارس من الممارسة وبالتالي فإن الإعلان عن المخالفة يوضح للناس ولجهات التوظيف صلاحيات الممارس وحدودها، وهذا بحد ذاته أمر جيد.
يجب مبادرة هيئة التخصصات الصحية بهذا الأمر وإعلان قائمة بالمخالفين ومخالفاتهم وبياناتهم دون أن تضطر وسائل الإعلام للركض خلفها في مغامرات صحفية أو جاسوسية لأجل كشف حالة أو حالتين وبأسماء رمزية لا تفيدنا في شيء، ويبقى المخالف محمياً يعمل كما يشاء. بالمناسبة، مثل هذا الأمر موجود في كثير من الدول ومن قواعد بيانات تلك الدول نكتشف أحياناً وجود ممارسين مخالفين بالمملكة، فلمَ لا نفعل بالمثل وننشر أسماء المخالفين؟