يوسف المحيميد
استغرب حين يعقد البعض مقارنة بين الجنادرية كمهرجان يمثِّل تراث وطن واحد كبير ومتعدّد الثقافات والعادات، وبين القرية العالمية في دبي، فليس ثمة عامل مشترك بينهما إلا الجانب الترفيهي، لأن الجنادرية تجمع أطراف الجزيرة العربية، من غربها جدة ومكة والحجاز بأكمله، وحتى شرقها بعاداته وتقاليده والمهن التي يعمل عليها أهله، منذ صيد اللؤلؤ وحتى اكتشاف البترول، ومن شمال الوطن، حيث عرعر وسكاكا ودومة الجندل وتبوك والعلا، حيث العراقة والأمم القديمة، وحتى جنوبه الزاخر بالثقافات والفنون والألوان، وهذا التباين المذهل في كل شيء، في الطبيعة والتضاريس والعادات والمعمار والأكل والرقصات الشعبية وغيرها، يؤكّد أن هذا الوطن بمكوناته المذهلة هو قارة مكتملة التنوّع، وبيئة جاذبة الاهتمامات.
في القرية العالمية بدبي دعوة للدول المختلفة، لتقديم ثقافاتها المتنوِّعة، وهي فكرة جميلة بلا شك، لكنها قابلة التنفيذ في أي مدينة أو دولة، بمعنى أنها لا تخص دبي وحدها، رغم التميز الذي حققته، في حين الجنادرية بكل ما فيها من اعتزاز وفخر، تمثِّل هذا الوطن الكبير، وبدأت بشكل بسيط، حتى أكملت عامها الثاني والثلاثين، أي أنها الآن في شرخ الشباب، وتحتاج إلى مزيد من التجديد والأفكار المبدعة، ولحسن الحظ أنها في هذا العمر، قد تحقق بعض أهداف رؤية المملكة 2030 بعد إجراء بعض التغيير عليها، كأن يمتد تنظيمها طول فترة الشتاء، وتسند مهامها إلى هيئة الترفيه، خاصة أنها تحظى باهتمام الناس وانتظارهم لها، فضلاً عن الفرصة المُحتملة والكبيرة بدخول الأجانب كسياح، مع تسهيلات منح تأشيرات السياحة لهم، مما يعزِّز هدف التنويع الاقتصادي، وتنوّع مصادر الدخل، وتحقيق المزيد من الإيرادات غير النفطية.
إن وجود ثلاث عشرة منطقة متنوِّعة في المملكة، ومئات المدن والقرى والمراكز، تعني أننا أمام ثلاثة عشر مكون ثقافي، قادرة على تقديم ثقافاتها بشكل جاذب ولافت ومميز، وهو ما يحدث سنوياً في مهرجان الجنادرية، وما يحظى به من إقبال جماهيري من مختلف مناطق المملكة، سواء من المواطنين أو المقيمين. ولعل بعض الإجراءات الإدارية من جهة، وبعض التجديدات الجريئة على ملامح هذا المهرجان من جهة أخرى، ستجعله قبلة السياح من داخل المملكة وخارجها.