نوف بنت عبدالله الحسين
لكل درجة نغمة مميزة... لها حضورها... قوتها... خصوصيتها... والأجمل... أن هذه الدرجة لا تقلل من مستوى درجات تلك النغمات...
لست موسيقية بطبيعة الحال... ومعرفتي في هذا العالم مجرد قراءات واستكشاف لأثر النغم على الفكر والشعور... وكيف يمكن للعقل أن يحرّك النغم في حركة وتر... وكيف للأنامل أن تضرب لوحة مفاتيح لتصدح الأنغام... وكيف تتكوّن تلك الجمل الموسيقية التي تتصاعد وتهبط في ضوء من التناغم... امتزاج جميل ينساب... مجرد سبع درجات في السلم الموسيقي ويحدث العجب...
ولا يمكن أن تكتمل أي جملة بدرجة واحدة... لابد من أن يمارس كل درجة موسيقية دورها الفعّال لتستقيم الجملة... وتعطي للصوت معنى ومغنى... وهكذا هو العمل الجماعي... حركة سلالم موسيقية جميلة... تتحرك كأمواج من العطاء... تعزف الإبداع عزفاً من الروح... فتخيلوا لو أن فرق العمل لدينا كالسلالم حين يعملون... وكل يعزف بحب لما يقوم به...
أحياناً يعاني عملنا من الجفاف... فيجف نبض العطاء... ويخف الوهج في ما نقدمه... ويصبح وقع العمل نشازاً على النفس... لا نطرب ولا نفرح به... ليرتفع صوت التذمر وعدم الرضى... فلا تطيب لقمة العيش... ولا الواقع يسمح بعزف منفرد...
فهل البيروقراطية المتبعة لدينا وتعدد الجهات التي تضبط الأعمال تحد من تدفق الأفكار... خلايا العمل لدينا تعوّدت على نغمة واحدة... ونسينا أن نستمتع بالخروج عن النص قليلاً ليستقيم المعنى وتتحقق الرؤية... ولا يمكن أن نخلق الإبداع إذا لم نهيئ له الأجواء...
لماذا لا نكن عازفي النغم الأصيل... في عمل يبقى ..وأثر يدوم... دون أن يكون هناك نشاز يجعل من السهل عقداً مزعجة... فيقتل الفرادة والأصالة قبل ميلادها... وتصبح الفكرة المكررة هي ديدن الروتين الممل في الأداء والعطاء... ونتساءل حينها... لماذا يقل الإنتاج ممن يستطيعون صنع المعجزات...
فلنكن ملهمين في العطاء... ملهمين في الصعود نحو عنان السماء... بصورة بعيدة عن النمطية... مليئة بالجمال والإبداع... داعمين لكل أوجه الخير... باعثين على الأمل... بعيدين كل البعد عن الجو الخانق في ميادين العمل... وميادين الحياة ككل... نعزف معاً... لحن الحياة...