«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
يتوجه هذه الأيام إلى العاصمة الرياض المئات من المواطنين ومن مختلف مناطق ومحافظات المملكة إلى عاصمتنا الحبيبة الرياض وعلى الأخص خلال عطلة الأسبوع، وذلك لزيارة مهرجان «الجنادرية» في دورته الـ32 والجنادرية، هذا الحدث الذي بات يعود إلينا سنويًا حاملاً لنا المتعة والترفيه وينثر أمامنا ألوانًا متعددة من الثقافة والتراث والفنون وجوانب متعددة من التاريخ، يقدمها لنا المئات من أبناء المناطق والمحافظات وحتى المراكز والهجر من مبدعين وحرفيين وحتى أصحاب منتجات وهوايات مختلفة.
ومن هذا، فالمهرجان يشكِّل في مجموعه وتنوعه ومحتوياته فعالية ونشاطًا مهمًا في مجال الاقتصاد الوطني. ففيه الكثير من الأشياء التي تدر ذهبًا كما يُقال، أكان ذلك من خلال المبيعات التي تفتن الزوار وعشاق الموروث والفنون والمنتجات الحرفية خصوصًا ما يبدعه المتميزون من الحرفيين والحرفيات.. من منتجات خوصية أو ليفية أو جلدية أو حتى خشبية وأعمال نحتية ولوحات تشكيلية. إضافة إلى ما يعرض أيضًا من منتجات تحت شعار «صُنع في السعودية» كما يحدث في مختلف المهرجانات والمعارض الدولية والتي تعتمد عليها وفي أكثر من موسم دول عديدة في رفد اقتصادها، عبر بيع المنتجات المحلية والوطنية خلال هذا المهرجان أو ذاك. ولذلك يشكِّل مهرجان الجنادرية أرضًا خصبة لعائد اقتصادي كبير.. مما يحقق الكثير من إستراتيجية الرؤية السعودية لمستقبل وطن مزدهر بالعطاء والفعل.. حتى أن المهرجان ومن خلال العروض الفنية الثابتة كالمعارض التشكيلية أو عروض المسرح والأفلام سوف يحقق عوائد مالية كبيرة بالإمكان اقتطاع نسبة بسيطة تكون رصيداً في صندوق خاص بالمهرجان.. دول عديدة في العالم تستثمر مهرجاناتها بصورة اقتصادية ومدروسة دون ضرر على المواطن وتحميله مبالغ كبيرة، لكن تخصص رسوماً رمزية، مع منح تذاكر مجانية لأصحاب الدخول المحدودة أو حتى منحهم الدخول المجاني.. والمهرجان هذا العام وبحسب أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - تم تمديده أسبوعًا إضافيًا. وخلال العقود الثلاثة الماضية أثبت المهرجان أنه قادر على استقطاب مئات الآلاف للتردد عليه وزيارته والاستمتاع بما يعرض فيه من فعاليات ونشاطات ومعروضات.
فكم هو جميل ومن خلال إستراتيجيات الوطن التي تتبناها مختلف أجهزة الدولة ذات العلاقة والتي تسعى لرفد الاقتصاد الوطني فيأتي هذا المهرجان وغيره من المهرجانات الأخرى في مناطق ومحافظات المملكة لتثري اقتصاد الوطن بالمردود المادي إذا نحن أحسنا استثماره بصورة مثالية ومدروسة. إن أهم تحدٍ في هذا المجال أن نبدأ ودون تردد أو وجل. ما علينا إلا مضاعفة البنية التحتية لموقع قرية «الجنادرية» وتطويرها وتعزيزها وفتح المجالات الاستثمارية فيها. مع تشجيع كل من لديه نشاط أو منتج لعرضة دون تردد أو عوائق. لقد تجولت في مهرجانات دولية مختلفة في الصين وأمريكا وفرنسا وكانت تقام فيها معارض تشكيلية مفتوحة ليس لفناني هذه الدول فحسب وإنما لكل من لديه الموهبة أكان فنانًا فطريًا أو أكاديميًا، المهم أن يحصل على تذكرة المشاركة برسوم بسيطة.. ولا يختلف اثنان على أن ألوان الثقافة والفنون دائمًا وعبر التاريخ تجسد الوجه الحضاري للأوطان. ووطننا - ولله الحمد - زاخر بالقدرات والمواهب. ومن الرائع أن نحتفي بها ونأخذ بيدها كما فعلت مؤسسة «مسك» الخيرية برعايتها للمبدعين والمبدعات من الشباب توجه جميل وسليم في عصر التطور والازدهار والانفتاح على العالم.. وجميع اقتصاديات العالم التي نجحت وتطورت وتنامت جاء ذلك من خلال فتح الأبواب مشرعة للإبداع دون عوائق أو روتين.. واستثمار «الجنادرية» بصورة واسعة وجعله لفترة أطول سوف يكون جاذبًا للسياح والزوار مما يسهم في تشجيع السياحة للمملكة مع تنظيم العديد من الفعاليات وطرح مسابقة تنشر في مختلف وسائل الإعلام تتضمن منح مكافأة مالية لأفضل فكرة تنفذ خلال المهرجان يكون لها عائد اقتصادي على المهرجان بصورة خاصة والوطن بصورة عامة. لقد نجحت دول شقيقة مجاورة في تعزيز إشغال فنادقها وشققها المفروشة، وذلك من خلال ما يتجدد لديها من مهرجانات تسويقية وثقافية ومعارض مع تعدد مؤتمراتها المختلفة التي تتوالد شهرًا بعد شهر مع منحها تأشيرات لمن يحضر هذه المهرجانات وتلك المؤتمرات بيسر وسهولة.