رقية سليمان الهويريني
برغم أن أسفار العرب كانت تحمل زخماً جميلاً من الألفاظ والصفات، إلا أن بعضنا يستمرئ خروج الألفاظ السيئة مع إدراكنا أن مخرج الكلام واحد، والحروف واحدة!
ومنذ ظهور تويتر وقنوات التواصل الاجتماعية الأخرى بات من المعتاد سماع وقراءة ألفاظ نابية خارجة عن الذوق العام، وإني لأخشى أن تكون تلك الألفاظ دارجة مستقبلاً فتأنسها ألسنة الناس وأسماعهم، بعد دخولها في القاموس الاجتماعي العام!
وكنا فيما مضى ننتقد التلفزيون بتسببه في استخدام الأطفال الألفاظ السيئة خصوصاً الأفلام الكارتونية المدبلجة التي تعتمد على تلك الألفاظ فيلجأ الطفل لتقليدها شكلاً ومضموناً!
ولست أدري هل أُحمّل الأسرة مسؤولية تلقين الطفل منذ تعلمه الكلام على بعض الكلمات البذيئة لينطقها بلغة مكسرة فيحلو للآباء ترديدها واستمراء خروجها من بين شفتي صغيرهم، وتشجيعه على تكرارها واستمتاعهم بسماعها مما يجعل الطفل يعتاد عليها، ويكبر وقد امتلك حصيلة وافرة من تلك الألفاظ السيئة؟! أم أحمّل المدرسة المسؤولية ذاتها كونها تمثل بيئة خصبة لتراشق الألفاظ النابية بين الطلاب كوسيلة هجوم أو دفاع وخاصة في أوقات الفسحة أو عند انصرافهم؟!
ولعلي أدعو الوالدين لحفظ ألسنتهم عن الكلام البذيء عند التوجيه والإرشاد، فالطفل يرى في والديه القدوة والمثل الأعلى والسلوك الرفيع، وإلى مساعدة أبنائهم في اختيار الأصدقاء الصالحين، فالصديق مؤثر قوي وخصوصاً حين يكون ملازماً للابن في المدرسة أو النادي أو في نفس الحي. وأعتب على المعلمين الذين استمرأوا التلفظ بألفاظ نابية أو قاسية وإلقائها كالحمم على مسامع الطلاب، ولاسيما المقصرين منهم، وهم من يفترض أن يكونوا قدوة لطلابهم ورحماء بهم!
وإن كان انتشار تلك الألفاظ سابقاً بين طبقات متدنية تعليمياً واقتصادياً واجتماعياً مألوفاً؛ فقد أصبحت ظاهرة سيئة لدى فئات متعددة من المجتمع! وهذا يعود إلى قلة الذوق والوعي الثقافي.
إن استشعار مسؤولية الرعاية للأبناء والطلبة، وأهمية التربية والتوجيه برفق باستخدام الأساليب المحببة والألفاظ المهذبة؛ يجعل الأبناء يعتادون على استخدام الألفاظ الجميلة في تصرفاتهم وتعاملهم، لنرتقي بمجتمعنا نحو الذوق المهذب!