أ.د.عثمان بن صالح العامر
من المشاكل الاجتماعية الشاملة والعامة في جميع مناطق المملكة بلا استثناء مشكلة الفراغ الذي ينعم به المتقاعدون، خاصة الذين ما زالوا في كامل قواهم الجسدية والذهنية، إذ إنهم يجدون صعوبة كبيرة في المحافظة على وضعهم النفسي والصحي، وملء وقتهم في النافع المفيد جراء غياب المراكز المخصصة لهم والرعاية الاجتماعية المناسبة لأعمارهم، والمشكلة تتزايد وتتفاقم ككرة الثلج المتدحرجة من قمة الجبل للقاع، وهي لدى الذكور والإناث على حد سواء، وإن كنت لدى الرجال أكثر وضوحاً وظهوراً، ومن التجارب الرائدة والرائعة مركز الملك سلمان الاجتماعي في الرياض الذي وإن كان يستقبل الكل شباباً وشيوخاً، رجالاً ونساءً منذ افتتاحه في شهر رمضان المبارك عام 1417هـ وحتى اليوم، فإن الأكثرية هم المتقاعدون الذين وجدوا فيه بغيتهم وأنسهم، يشتركون فيه ليمارسوا الرياضة ويحصلوا على المتابعة والرعاية الصحية، ويقرؤون ويطلعون ويتحاورون ويتناقشون في الشأن الثقافي والاقتصادي والاجتماعي ويستفيد بعضهم من تجارب بعض.
إننا في مرحلة تحتاج إلى أن تفكر «الجمعية الوطنية للمتقاعدين» في دراسة التجربة ومن ثم تعميمها باستنساخها أو التعديل فيها حسب ظروف كل منطقة من مناطق المملكة، ومتى شرفت هذه المراكز بحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فسوف تكون بإذن الله ملتقىً يومياً لهذه الفئة التي تعاني حقيقة من البطالة ذات الأثر السلبي صحياً وذهنياً واجتماعياً، إذ في رحم الفراغ تتولد كثير من الأمراض التي لا تخفى لدى الكبار كما هو الحال عند الصغار، علاوة على أن هذه المراكز يمكن أن تكون مكاناً لانعقاد الدورات التدريبية في استخدام التقنية مثلاً، أو إجادة مهارة التخطيط الإستراتيجي للمشاريع الاقتصادية المستقبلية، وفِي ذات الوقت مقراً لتنمية روح المشاركة في البرامج التطوعية التي تصب في خانة خدمة المجتمعات المحلية، ويمكن أن يحصل المشاركون ممن بلغوا الستين على خصومات خاصة في المستشفيات وخطوط الطيران والمنتجعات والمولات.
إن وجود مثل هذا المركز المتميز سيرفع الحرج عن كبار المسؤولين والمتقاعدين الراغبين في ممارسة الرياضة بأشكالها المختلفة وصورها المتنوعة، ولا يجدون أمامهم إلا الأندية الرياضية الرسمية المعروفة أو «مراكز جيم للتخسيس» الخاصة فيحجمون خوفاً من الحرج الاجتماعي.
ولذا فالأمل معقودٌ على الجمعية ورجال الأعمال والمخطط الاستراتيجي أن تتكاتف الجهود ليتحقق وجود ما يتطلع له وينتظره شريحة عريضة من هذه الفئة، سواء أكانوا معلمين أم موظفين، مدنيين أو عسكريين. دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.