ناصر الصِرامي
في الرياض ستجد تحولات كثيرة، ليس في الحريات الاجتماعية أو الترفيه، فهذا ليس هو الحراك الإيجابي فقط.
هناك جانب آخر تشعره من لقاء المحسوبين من الطبقة الوسطى وما دون ..جانب إيجابي يتعلق بوضعهم المالي. أتحدث عن أشياء أكثر ملامسة للإنسان العادي، مثل أسعار تأجير الوحدات السكنية والتى انخفضت ولاتزال مستمرة في الهبوط، متجهة نحو معدل طبيعي بلا تضخيم أو تضخم، ومسيرة الهبوط واضحة أمام العرض الذي ينمو، فقد أطلقت الأسبوع الماضي لوحده- 16 جهة حكومية بين وزارات وهيئات ومؤسسات في مدينة الرياض، برنامج الإسكان، الذي يهدف إلى توفير حلول سكنية للأسر السعودية، مستهدفًا رفع نسبة التملك إلى 60 % بحلول عام 2020، والوصول إلى 70 % بحلول عام 2030م،والطلب شبه متجمد حاليا بانتظار حلول الإسكان.
الوحدات السكنية تهبط، وتكلفة العمالة من جهة أخرى لكافة الأشغال المختلفة التي يحتاجها المواطن العادي تقلصت إلى نحو30- -40% لأعمال الصيانة والديكور وغيرها.. والنسبة التقديرية ليست أمنية، بل تقديرية مبنية على إجابات مباشرة وجهتها للبعض في أكثر من مناسبة، ومشاهدات حية وحوارات مع أكثر من شخص يمثلون قطاعات خاصة وعامة من متوسطي الدخل وأقل أو العمالة الفنية الأجنبية أيضا..
ارتفاع تكلفة الطاقة عالجها حساب المواطن- لتعويض الزيادة -، وقدم هذا الأسبوع الدفعة الثالثة الشهرية. إلا أن ارتفاع الطاقة أضاف بعداً إيجابياً على حركة السير اليومية في مدينة عملاقة مثل الرياض، وتقلص ازدحام السيارات بشكل ملموس وواضح، وباستثناء فترة الذروة الصباحية، فقد أصبحت الحركة المرورية أكثر ترشيدا وقبولا..
السوق السعودي يعيش حالة «فلترة» وتنظيف شاملة في أكثر من جبهة وقطاع، وبالتالي الشعور ببعض الآثار الجانبية وصخب بعض المتضررين لا يخفى أن الأسعار المتضخمة تراجعت وأن تكلفة الحياة تتجه إلى تكلفة واقعية أقل. انظر لأسعار السلع وغيرها، ستجد أن هناك خيارات أوسع، ومنافسة في الأسعار لجذب المستهلك وبالتالي انخفاضا في الأسعار. كما يجري الآن نمو وعي جديد متزايد لدى الأسر الجديدة للتركيز على ميزانية الأسرة ووضع حسن التدبير أولا!.
غالبية الجدل والصخب نسمعه مع قرارات العمل والتي يواجهها القطاع الخاص لحماية كياناته واستمراريته، كما في ردود الفعل تجاه ما يعرف بـ»الفاتورة المجمعة»، لتحصيل رسوم العمالة الوافدة التي تعمل في شركات القطاع الخاص!، وله حق الدفاع عن مصالحه طبعا.
لذا دعك من شكاوى القطاع الخاص الآن، رغم أنها قد تكون قصة مهمة، لكنها تحتوي على الكثير من التفريعات والجدل والأولويات للاقتصاد وللقطاع الخاص، والذي اعتاد بيئة مريحة وسهلة لنمو استثماراته وعائداته، ويبقى الجدل أمر طبيعي وصحي ..!
... لكن مهم أن نرى الصورة الكبيرة: هناك تحسن في مستويات الحياة. وانخفاض تكاليفها على المواطن العادي. وهناك بالتأكيد «فلترة وتنظيف» للسوق إجمالا الآن، ستقدم المثير والكثير من الفرص للشباب لبناء أعمالهم، وتطوير مهنهم، وتحقيق المزيد من الثروات عبر الانتقال الشجاع والمحسوب المخاطر للعمل الحر، مهما كان نوعه أو حجمه، طالما أن الأرباح مشجعة ومشجعة جدا..
ولتسريع خفظ البطالة سيئة الذكر، وتقديم فرص عمل ضخمة ومتفاوتة للمواطنين الباحثين عن فرص من جهة، أو لتلك الأرقام الهائلة والمتوقعة للقادمين لسوق العمل في بلادهم كل عام من جهة ثانية، أقر مجلس الشورى، التعديلات لمنح مجلس الوزراء صلاحية تخفيض الحد الأقصى لساعات العمل لبعض الأنشطة خصوصًا المستهدفة بالتوطين. وما أكثرها..!