د. حسن بن فهد الهويمل
أُمَّهاتُنا, وأخواتنا, وزوجاتنا يتداولن في مجالس الفضول كلمةَ:- (دَقَّةٍ قَدِيْمةٍ) كلما رأين مَصَاغاً ذهبياً, لا يناسب ذائقة العصر.
والمطالبة بـ(تدويل المقدسات) لا تأتي إلا من هذا النوع الكهفي الفارغ من كل قيمة.
بل هي (أسطوانة مشروخة), لا يرددها (إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ), وكأن المقدسات أشياء عينية, ممكنة التداول, خارج نطاق الوطن, وترابه, وحق أهله في تقرير مصيرهم. إنها مهزلة المهازل, تبدي سوءة قائلها على حد:- (تكلم حتى أراك).
وكأن أحداً من الناس يملك القول في الشأن الوطني, دونما نظر إلى (حق السيادة) المشروعة.
وكأن أحداً من ذوي الشأن العالمي ندبنا لخدمة المقدسات, ومنحنا شرف ذلك, ومن حقه - والحالة تلك - إنهاء المهمة, متى رَفَعَ حَقِيرٌ عَقِيرَتَه.
المفلسون من يظنون أن التلويح بـ(التدويل) تخويف, وإرجاف:- {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
وفي ظنهم الذي أرداهم أنها ورقةٌ رابحةٌ, يَفْرُق منها قادة البلاد, ويتسللون لواذاً خوف انتزاعها من بين أيديهم.
لقد قالها من قبل حاقدون موتورون, فذهبت سخافاتهم أدراج الرياح, وذهبوا إلى مزبلة التاريخ. وظل (الحرمان الشريفان) حَدَقةَ عينِ الوطن, ولباسَ التقوى لقادته, وتاجاً على هام المواطنين, يشرف الجميع بالخدمة, ويَتَسَمَّوْن بها, ويؤدون حقها بنفوس راضية, تَشْعرُ بالتقصير.
و(العالم الإسلامي) يَعْرِفُ حجمَ الخدمات التي تؤدَّى, وسخاءَ الإنفاق الذي يُبذل على المشاعر, دونَ مَنٍّ ,ولا أذى. ويقدرون ذلك حَقَّ قدره.
والشعوب الإسلامية من وراء قادتها تدرك فداحة التكاليف, وصعوبة المهمات, والبراعة في إدارة الحشود التي تنهض بها (المملكة العربية السعودية) حكومة, وشعباً.
(المقدسات) أيها الرويبضات جزء من لحمنا, ودمنا, وحياتنا. بل هي رئتنا التي نتنفس منها, وبها. ولو كان الوطن رجلاً لكانت المقدسات رأسه, وذروة سنامه.
وإذا أراد الله بقوم سوءاً سلطهم على أنفسهم, وحملهم على تخريب سمعتهم بأيديهم, وأيدي خصومهم. وذلك ما فعلته (دولة قطر) بهذا الطلب الأسخف من سُخفها.
كل خصم ألَدُّ الخصام يجد مساحة, ولو مفحص قطاة من الموالين, أو المتعاطفين, أو المترددين, فإذا أقحم (المقدسات) في خلافه, تساقطت سمعته كورق الخريف:- {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.
- وأي ألمٍ أنكى من تهاوي السمعة في ردغة الخبال؟
لقد سيئت وجوه (الخلايا النائمة) حين اختلفنا مع (قطر). وتمنى البعض منها لو عولجت الأمور بما دون المقاطعة. وتردد بعض الكتبة في الخوض مع الخائضين. بل لقد انتفض بعضهم:- (كَالهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخاً صَوْلَةَ الأَسَدِ), ولام من بادر لتفادي التدهور, وتدارك الأمر.
ولما تكشفت السوءات, وتنوعت البذاءات, وخُوِّنَ الأمناء, واتهم العلماء, ومُدَّتْ الأيدي القذرة إلى أيدي أقذر:- (سُقِطَ في أيديهم).
(قطر) حين تختلف مع (المملكة العربية السعودية) فإن أقصى مالها تأطير اختلافها, في الدفاع عن نفسها, والعتب على المملكة في تصرفها, إن كانت من المعتبين, والعمل على ثنيها عما تمضي إليه. بعض هذا من حقها, متى تصورت أنها مظلومة, أو أنها فُهِمت على غير ما هي عليه.
أما التحالف مع أعداء الأمة العربية, ورعاة الإرهاب, وتحويل أرضها إلى ترسانة أسلحة, وبؤرة فساد, وإفساد, واستخدام كل ما تملك من المكر والكيد لإسقاط الحكم السعودي, وإشاعة الفوضى في البلاد, فهذا حقد دفين, لا نتوقعه إلا من (الصهيونية) العالمية, و(الصفوية) العنصرية.
نحن في المملكة لا نضمر الشر لـ(قطر) شعباً, وأرضاً, وعقيدة, ولا نتمنى لها إلا الأمن, والرخاء, والاستقرار, والحرية, والكرامة. وخلافنا مع رعونة تصرف حكامها. ومن خالجه شك في هذا فهو أجهل الناس بأخلاقيات المسلم.
خلافنا مع (قطر) لا يدفعنا إلى تمني القتل, والتدمير, والتمزيق لها. فكيف يحلو للإعلام القطري, وللساسة القطريين, ولشذاذ الآفاق في قطر أن يديروا خلافهم معنا بهذا الحقد, وبتلك الأضغان.
القول بـ(التدويل) شنشنة أخزمية, وفحيح أفعاوي, لامس آذاناً تعي قذارة اللعب, وحقارة اللَّاعب.
لقد ألجم (محمد الغزالي) الرعَاع, حين طالبت (إيران), وطالب (القذافي), وطالب غير أولئك من الأوغاد بـ(تدويل الحرمين الشريفين) بقوله:-
(إن من يدير المواخير, ودور الخنا, والبارات لا يحق له أن يدنس طهر المقدسات بيده الملوثة). أو كما قال - رحمه الله -.
(المقدسات) أرض سعودية, وجزء من تراب الوطن السعودي, وإذا كنا نسفك الدماء حماية للحدود فإنها ستكون أرخص في سبيل الدفاع عن المقدسات.
الشعب السعودي, والعالم الإسلامي من ورائه جَبْهةٌ واحدةٌ في وجه كل من يحلم, أو يهذي, ويقول منكراً من القول وزورًا.
يتبع