د. خيرية السقاف
بعض المواقف عند مفاصل مرور تتكلم بصوت, أو تصمت عنه..
الذي يُنطِّقها هو الإنسان..
والذي يسْكِتُها هو الإنسان ذاته..
بواعث الحالتين هي مكنون ما في الإنسان ذاته..
ترى لو وقف امرؤ مع نفسه يسائلها كيف كان موقفه ذاته منها, سواء كانت المواقف عابرة تُنسى, أو جليلة تُخزَّن..
فما يقول لنفسه..؟!
أتمر بها بصمت؟! أم تسنح لها أن تتكلم بصوت؟!..
إن أكثر من يحتاج إلى مثل هذا المحك مع أنفسهم, هم أولئك المسؤولون عن الصوت الحقيقي
لمفاصل العبور عند مواقفها حين تنزل بموقعهم منها..
ولعل أولئك يعرفون أنفسهم ..
على سبيل المثل,
السجَّان والآخر المتهم في قيده,
ينتظر الثاني أن يزج في السجن, أو ينطلق للبراح حين الأول مسؤول عن صوته, أو صمته..
والإعلامي التنفيذي حين تخرج صحيفته في الصباح, عابرة بوهن عن صوت كان عليها أن تعليه!..
والإداري يغلق عن الناجح منفذ صوته لأن بيده الكمامة..
أو يشرع له مواقف النطق بشهادة إنجازه، إذ بيده البوق!..
كل الذين بيدهم منطلق الأصوات لأن تضج في مواقفها فيصدونها, أولئك هم الذين يخسرون صدقهم, وتبهت أصواتهم مع الزمن..
وكم من أولئك من وُسم في موقفه بضعف المهنية, أو بعدم التمكّن عند غلبة ذاته, أو بوهنه في التنفيذ..
وكم من أولئك المحترفين فوق مقاعدهم, اليقظين للحظة تفوقهم, المكتنزون بالحس الشفيف, والذهن الصافي, والذات العادلة..؟!
فإن كنت مسؤولاً عن صوت وأتحت له باب الخروج نحو النور, فإنك في عملك مهني ناجح, ومع نفسك صادق, وفي مسلكك أمين..
وإن لجمته فإن عليك أن تعيد التفكير في قدرتك على التنزه, والصدق, وفي مهنتك على الاحتراف, والأمانة..
وإن كنت مع ذاتك, فإنك إن صمت عن صوتك فأنت واحد من اثنين إما في انتظار مدى, أو في انطواء صدى..
ظالمٌ لها, أو منتصرٌ!!..........