يوسف المحيميد
حين شاهدت مقطع الفيديو الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وفيه رجل صيني يطرد شابًا سعوديًا من العمل، يدفعه من الباب بالقوة، ويهينه بكلمات سيئة، تذكرت عشرات القصص التي كنت أسمعها من شباب سعوديين يعانون من تسلط الأجنبي وإهاناته المتكررة، في مقابل دعمه لبني جلدته، خاصة من الشباب ذوي التأهيل المتوسط، الذين عملوا في مطاعم ومطابخ وغيرها، وكيف يجعلهم مديرهم من جنسية شرق آسيوية، يمارسون أعمالا وضيعة، في محاولة إهانتهم وتطفيشهم من العمل، وهي أحد الأساليب المعروفة والمستخدمة ضد المواطنين.
هذا المقطع الذي تجري وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التحقيق بشأنه، قد يكون له ملابسات خاصة لا نعرفها، كأن يرفض الشاب العمل مثلا، وتنفيذ توجيهات رئيسه، سواء هذا الرجل الصيني أو غيره، لكن التعامل بهذا الشكل المهين خطأ لا يمكن القبول به، نحن ندرك أننا لسنا ملائكة، وإنما نخطئ ونصيب، بيننا المخلص والطموح، وبيننا المتخاذل واللامبالي، لكننا أبناء هذه البلاد، وهذه أرضنا التي يفترض أن نعيش فوق ترابها بكرامة، فما لم تُحفظ كرامة المواطن فوق أرضه، أين تُحفظ إذن؟
لقد تحدثنا مرارًا عن المادة البغيضة في نظام العمل، ذات الرقم 77 والتي تحتاج إلى تعديل عاجل، لأنها تمنح صاحب العمل حق التلاعب بمصير المواطن، صحيح أن هذه المادة في طور المراجعة من قبل مجلس الشورى، وأن تعديلها سيعزز ثقة الشاب السعودي بالسوق المحلية والعمل في القطاع الخاص، وستصبح هذه السوق بيئة جاذبة للمواطن، بدلا من كونها بيئة طاردة، لكن الدراسة واقتراح التعديل والتصويت والإجراءات القانونية تتطلب وقتًا قد يطول، ما لم يتم التعامل مع هذا الأمر بشعور الضرورة القصوى والمواطنة الصادقة والمسؤولة.
ولعل الأجمل أننا نتنبه للأخطاء في أنظمتنا، والتقصير في أعمال بعض الجهات لدينا، ونعترف بذلك، ونسعى بإخلاص ومسؤولية بتركيز الضوء عليها، وكشفها، حتى يتسنى العمل على حلها، وهذا ما يجعلنا نتفاءل بأن المستقبل يحمل الكثير من الأمل والسير باتجاه المجتمع المدني المتطور الذي تحكمه الأنظمة والقوانين والضوابط.