يقول معاوية بن أبي سفيان عن حياة واليه في الطائف «أنعم الناس عيشًا من يقيظ بالطائف ويشتو بمكة»، أما سيديو فيقول: «إن ربوع الطائف الغني حيث المناخ المعتدل والمياه العذبة جعلته مصدرًا من مصادر الثروة الاقتصادية».فهل من يقصد الطائف اليوم للسياحة والتجارة له نفس وجهة نظر داهية العرب «معاوية» أو المستشرق الفرنسي «سيديو»؟!.
الطائف إحدى محافظات منطقة مكة المكرمة، ومن أكبر محافظات المملكة اكتسبت منذ القدم سمعة سياحية وتجارية وزراعية وحتى عسكرية، وهي ملتقى الطرق الرئيسية القادمة من الجنوب والشمال والشرق والغرب، يقصدها السائحون من جميع أنحاء المملكة ودول الخليج لجوها العليل، وموقعها القريب من مكة.
الطائف مدينة السلام التي عُقدت فيها -على سبيل المثال- أهم المعاهدات التي انهت الحرب بين المملكة العربية السعودية وبين المملكة المتوكلية اليمنية عام 1934م، وهي المدينة التي تم فيها الاتفاق بين الفصائل اللبنانية فيما يعرف باتفاق الطائف. كل هذه الأهمية للطائف حين كانت تلقى هذه المدينة اهتمامًا يليق بها، حين كانت تنتقل الوزارات إلى الطائف صيفًا فتنتعش الحركة، والمرافق العامة تزخر بخدمات راقية -في وقتها-، واليوم مع تحوّل الأنظار عن الطائف أصبحت حركة التطوير في المرافق العامة بطيئة، وما يقام من تطوير مازال لا يفي بمكانة هذه المدينة التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة في كافة المجالات.
متاحف الطائف وبيوتها العتيقة
« قصر شبرا» أهم متحف فيها ورغم هذا من الخطأ أن يحظى وحده بالعناية والاهتمام وفتح أبوابه للزوار، وتبقى تشكو من الاهمال بقية البيوت العتيقة ذات الطراز المعماري الفريد المغلقة الأبواب، تلك البيوت التي تمزج بين العمارة التقليدية لمنطقة الحجاز والطابع الإسلامي، وفيها إرث من عبق الماضي، وحكاياته في دقة تلك الرسوم والزخارف المنقوشة على الجدران والأبواب التي إن نطقت شكت من فعل الغبار والأتربة فيها وفي جمالها.
على هيئة السياحة والآثار أن تشتري هذه البيوت من أصحابها مثل «بيت الكاتب» وبيت «جبرة القرشي»، وغيرها من البيوت، وتحولها لمتاحف أو تدفع بالمستثمرين ليحولوها إلى مطاعم أو مكتبات عامة وحتى فنادق صغيرة بدلًا من تركها تواجه الاندثار، وكأنها بلا قيمة في الوقت الراهن!.
فنادق الطائف والشقق المفروشة
يبدو أن أغلب المستثمرين أصحاب الشقق المفروشة والفنادق وكل جهدهم ينصب في كسب المال، فالسائح ليس بحاجة إلى شقة متسخة وأثاثها رث، ومرافقها سيئة وفوق كل هذا باهظة الثمن.
شوارع مدينة الطائف وجامعتها
على الرغم من الحملة التي قامت بها بلدية الطائف لإزالة اللوحات الدعائية العشوائية من أعمدة الإنارة إلا أنها غير كافية، ولم تشمل كافة الأحياء والتجمّعات السكنية ولم تُسن أي عقوبات رادعة لمثل هذه التصرفات، كذلك قامت الأمانة مشكورة بإزالة 3270 حيوانًا نافقًا من جنبات الطرق، وأيضًا لم تحاسب أصحاب هذه المواشي الذين يرمونها على قارعة الطريق، دون اكتراث أو وعي بخطرها على البيئة والصحة العامة، وأرجو أن تقوم الأمانة بحملة أخرى لإزالة السيارات القديمة التي يكسوها التراب، وتقف في نفس المكان لفترات طويلة، فهي تعيق الحركة في الأحياء والطرقات، وتسبب تلوثا بصريا يعمي العين. على البلدية إجبار أصحابها بتحريكها ونقلها لمكان مخصص وتوعيتهم فهذا من واجب الأمانة.
أما جامعة الطائف قسم البنات في مبناها الجديد في «الحوية» كسابقه في «قروى» للأسف لا يحظى بعناية من الطالبة في الجامعة التي تتعلم فيها مختلف العلوم وتنسى ما للنظافة من أثر على البيئة وصحة الإنسان، فالمساحات الخضراء، وأروقة الكلية لا يحل المساء إلا وهي غنية بالنفايات وبقايا الطعام.
ماذا منح أهل الطائف الطائف؟!.
الطائف مدينة عتيقة يقف على أكتافها غبار تقادم عمره، ولعل هذا بفعل الاهمال الذي رزحت تحته لفترة طويلة، لهذا يجب أن تحظى الطائف باهتمام بالغ في شتى المجالات، ويجب أن تهتم الأجهزة الحكومية بتنمية الطائف ونهضتها، ويأتي في نفس السياق اهتمام المستثمرين بها، مدينة كالطائف فيها كل مقومات السياحة لِمَ يتعامى عنها أبناؤها المستثمرون الذين جنوا من الطائف الكثير من المال، ولم يقدموا ما يشفع لهم، وما يمكن الإشادة به؟!.
النظافة أسلوب حياة من غير المعقول أن تُقدم لمدينتك الجميلة نفايتك، فتحرم غيرك من الاستمتاع بالمناظر الخلابة والبيئة الصحية، وتعطي صورة عنك وعن أهل المدينة مسيئة، وعي الناس بواجب ترك المكان نظيفًا ثقافة يجب بعثها من جديد، وخلق إسلامي يجب الالتزام به.
الطائف بالدعم الحكومي وحده لن تتغيّر، ولن تنهض تنميتها ما لم يعرف كل فرد فيها ما عليه، فيتكاتف الجميع لصنع مدينة على الأقل نظيفة وبيئتها صحية.