أمل بنت فهد
في أي حوار يُدار وله جمهور لا بد أن يكون هناك هدف لهذا الحوار، شأنه شأن أي أمر، لكن الذي يحدث في كثير من البرامج الحوارية لا يخرج عن صورتين، إما حواراً مملاً، أو صراع الكلمات، وليس صراع العقول، لأن الفكرة تغيب تماماً عن طاولة الحوار، ولا يبقى غير سباق على من يكون المنتصر، تلك مشكلة ضيوف البرامج، وخطأ الاختيار من أساسه، ويقع جزء كبير من سبب فشل الحوار على مُعد البرنامج، حين لا تكون الفكرة واضحة، بل في بعض الأحيان تستطيع أن تستشف أن الحلقة تم إعدادها دون هدف عدا الحديث عن بعض المعلومات والأخبار، رغم أن للأخبار فنها الذي لا يحتاج إلى إضاعة الجهد في برنامج يفترض أن يكون مبنياً على الأخذ والرد، لإثبات أو نفي فكرة في أقل الأحوال.
وفي دور المذيع الذي يدير الحلقة نصيب الأسد في فشل البرامج الحوارية، إما أنه ينسى أن دوره مجرد إدارة الحوار، وإعادته لفكرته كلما تشعب الضيوف في الهوامش، أو يدخل المصارعة معهم، ويقاطع الضيف ويمزق تسلسل أفكاره، ومن مكانه لا تدري هل هو مذيع، أو ضيف، أم مُعد البرنامج، أم مدير القناة!
لذا يبدو أن برامج التواصل الاجتماعية تفوقت على البرامج الحوارية، لأن صاحب الحساب يركز تماماً على فكرته، ويعد لها، ولا يخرج عنها، لأن البرامج الحوارية فشلت في جذب المشاهد، فشلت في منحه عائداً ولو من باب الفضفضة الصريحة، وكم من برنامج بدأ قوياً ثم انهار ومات بعد أن فقد شعبيته.
بعض البرامج الحوارية تريد أن يكون حضورها يومياً وناجحاً، وهذا تحدٍ ليس له داع، وعبث ليس أكثر، لأن القوة كل القوة في القدرة على جذب المشاهد حد انتظار الحلقة المقبلة، وبالتالي تحتاج إلى إعداد عميق، واختيار ضيوف مناسبين، وليس «بربسة».
لمناقشة الفكر فن يسمى «عبقرية الأسئلة» وكلما كانت الأسئلة سطحية، فإن الحوار كله سيموت قبل بدايته، والإعداد للأسئلة يحتاج إلى عقل مُدبر، عقل يعرف كيف يرفع الحوار ويخفضه، لكن حين تكون بديهية، فمن الطبيعي أن تكون الإجابات سطحية، ولن تحتاج لمختص كي يرد عليها، وأخطر منها الأسئلة التي تلامس هموم الشريحة التي تستهدفها الفكرة.
البرنامج الناجح، هو المؤثر، ينسف فكرة، أو يثبت أخرى، يغير الناس، يفتح لعقولهم أبواباً أوصدت بفعل العادة، أو الخرافة، أو الكذبة.
وقليل من البرامج نجح، ونتمنى أن نرى برنامجاً نعد من أجله الدقائق.