م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. قلبت التكنولوجيا موازين العالم.. وحولت اتجاهه ورفعت سرعته.. ووسعت تغطيته وعمَّمت انتشاره.. وعدَّلت منهجياته وعدَّدت أساليبه.. ونوّعت آلياته وزادت عدد المشاركين فيه.. فعمقت تأثيره وصَعَّبت احتكاره وألغت الوسطاء.. ومكَّنت كل فرد على حدة أن يكون صاحب اتصال مباشر وسط خيارات هائلة.
2. التكنولوجيا - مثلاً - خلقت اقتصاداً عملاقاً وسوف يزداد عَمْلَقة وهو اقتصاد الطلب عبر الإنترنت.. وهذا بدوره خلق مهناً جديدة وألغى أخرى.. وأصبح بمقدور كل شخص أن «يرسمل» نفسه ليصير هو بذاته مؤسسة قائمة متحركة متنقلة تحت الطلب أي ساعة كل يوم.
3. الموظفون منذ الأزل - دائماً- ينظرون إلى بيئة العمل بعين وعقلية المستهلك.. وبفضل التكنولوجيا أمكن تحويل مكان العمل إلى تجربة تستحق الخوض.. كل ذلك في محاولة لخلق بيئة عمل مثالية.. تندمج فيها عناصر العمل العاطفية والفكرية والمكانية والتكنولوجية والثقافية.. إنها خلطة عمل متكاملة تحاول الوصول إلى المعادلة التي تستخرج الأفضل من عضو الفريق من خلال توفير مناخ يعمل على إسعاده.
4. التكنولوجيا زادت من أعداد المؤسسات الفردية في الأسواق الناشئة.. وقليلاً قليلاً بدأت تختفي ساعات العمل الثابتة ومكان العمل الثابت.. وأصبحت المرونة جزءاً أصيلاً في ثقافة العمل في المؤسسات.. ووسيلة لجذب الكوادر الموهوبة وتحقيق نتائج أفضل.. وتطورت طبيعة العمل فأصبحت متنقلة تعاونية متوافرة على مدار الساعة.
5. أصبحت التكنولوجيا عامل تمكين ووسيلة تغيير وتسريع وتسهيل.. فقد وفرت فرصاً ومجالات غير مسبوقة لإحداث تغييرات جذرية في مكان العمل ومنهجيته ووسائله وأساليبه.. حيث عزّزت من قدراتنا.. وحسنت من أدائنا.. وطورت مهاراتنا وخدمتنا في صنع القرارات واتخاذها.. وسهلت من إجراءاتنا وأساليب تنفيذنا لها.. ورفعت من مستوى دقتنا في تقييم أدائنا.. كل ذلك أعاد تشكيل مفهوم الوظائف الحالية.. وأهَّلتنا لأن نحدد نوعية الموظفين المناسبين لكل وظيفة.. كذلك أهَّلت الموظفين لتحديد ما يناسب مهاراتهم ويتفق مع سماتهم الشخصية.
6. أخيراً: في ميدان العمل اليوم ستسود الوظائف الحرة والموظفون المستقلون.. وسيكون في مقدور كل ذي كفاءة أن «يرسمل» نفسه ويعمل كمؤسسة قائمة بذاتها.. وبالتالي لن تكون جميع القوى العاملة في المنشأة من العاملين بدوام كامل.. بل سيعمل عدد كبير منهم بدوام جزئي بلا تفرغ.. ولأن أعداد أصحاب الوظائف الحرة في تزايد متسارع فسيتم إعادة هيكلة شؤون الموظفين في المنشآت للتعامل مع هذه الظاهرة الصاعدة.