«الجزيرة» - المحليات:
اختتم مدير عام صندوق أوبك للتنمية الدولية (أوفيد)، سليمان جاسر الحربش، على رأس وفد عالي المستوى، جولة عمل في أمريكا اللاتينية، شملت كلاً من بوليفيا والأرجنتين، في إطار الجهود المبذولة لترسيخ المزيد من التعاون بين أوفيد والبلدان الشريكة والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة من خلال تشجيع تبني النهج الإنمائي الترابطي الشامل، الذي يمثل أكبر تحديات القرن الحادي والعشرين، لضمان تحقيق أمن الطاقة والماء والغذاء.
وفي هذا السياق، وقع مدير عام أوفيد اتفاقية قرض جديد مع كل من البلدين لدعم قطاعي الإمداد بالمياه والنقل بقيمة إجمالية قدرها 80 مليون دولار أمريكي. وتُوِّجت جولة أمريكا اللاتينية باستقبال رئيس بوليفيا، خوان إيفو موراليس، للمدير العام ومَنْحِه شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة الأمازون اعترافاً وتقديراً لدوره الرائد في توجيه موارد أوفيد نحو بناء الطاقات البشريه في قطاع التعليم في بوليفيا.
وقد استعرض الحربش خلال لقائه بالرئيس إيفو موراليس تاريخ ومهمة أوفيد ومختلف أنشطته الإنمائية، وتحدث عن إستراتيجية أوفيد الجديدة التي تتبني النهح الترابطي الشامل لضمان تحقيق أمن الطاقة والماء والغذاء في البلدان الشريكة، فضلاً عن استعراض مشروعات أوفيد قيد التنفيذ وبحث آفاق المزيد من التعاون المستقبلي.
وبحضور الرئيس موراليس وكبار مسؤولي الدولة، وقع الحربش مع وزيرة التخطيط والتنمية في بوليفيا، ماريانا برادو نويا، على اتفاقية قرض قيمته 30 مليون دولار أمريكي للمساعدة في تمويل مشروع يستهدف تشييد طريق سريع يربط بين المناطق الشرقية والجنوبية في بوليفيا لخدمة نحو 1.75 مليون شخص.
وتعليقاً على هذه الاتفاقية الجديدة، أشاد الرئيس موراليس بدعم أوفيد لبلاده وبأهمية هذا المشروع، وقال: «سنعزل بوليفيا عن البلدان الأخرى إذا لم نشيّد طرقاً معبدةً. ولتحقيق ذلك تحتاج منطقة سانتا كروز إلى المزيد من الاستثمارات».
وأشارت الوزيرة برادو نويا إلى أن تمويلات أوفيد الجديدة ستساهم في دعم أحد أهم الطرق في منطقة سانتا كروز، مؤكدةً على «أهمية هذا المشروع ليس فقط لتعزيز الإنتاج المحلي، ولكن أيضاً للمساعدة في التخفيف من شدة الازدحام الناجم عن ارتفاع حركة المرور في بعض البلديات».
وفي كلمته، أشار الحربش إلى أن هذا المشروع الذي يشارك أوفيد في تمويله بالتعاون مع كل من حكومة بوليفيا ومؤسسة الأنديز للتنمية يظهر دعم أوفيد المتواصل للتنمية في بوليفيا. ويبرهن على ذلك أيضاً تقديم 21 قرضاً لدعم مشروعات القطاع العام وعلى رأسها مشروعات النهج الترابطي لضمان تحقيق الأمن الغذائي والحصول على خدمات الطاقة المستدامة ومياه الشرب الآمنة، فضلاً عن تحسين قطاع النقل والبنية التحتية الاجتماعية.
وأشاد مدير عام أوفيد بحكومة بوليفيا لما حققته من تقدم اقتصادي واجتماعي كبير خلال السنوات العشر الماضية، مؤكداً على التزام أوفيد بدعم بوليفيا من خلال جميع نوافذ الاقراض المتاحة. وقد تم تكريم الحربش خلال مهمته في بوليفيا بِمَنْحِه شهادة الدكتوراه الفخرية من قبل جامعة الأمازون، أحد جامعات بوليفيا الخمس التي تم تحديثها بتمويل من أوفيد.
وفي كلمته خلال مراسم التسليم، أعرب الحربش عن امتنانه للجنة التنفيذية للجامعة البوليفية قائلاً: «هذا الشرف سيظل قريباً من قلبي إذ يأتي اعترافاً وتقديراً للدور المركزي الذي يلعبه التعليم في التخفيف من وطأة الفقر وتحسين الفرص لأشد الناس ضعفاً في العالم».
وأعرب الحربش عن أسفه إذ إنه بالرغم من أن عدد الأطفال الذين يتلقون التعليم أكبر من ذي قبل، إلا أن أوجه عدم المساواة لا تزال قائمة، خاصة في بلدان العالم الفقيرة.. وأكد على أن هذا هو السبب الذي من أجله يظل أوفيد مؤيداً وداعماً قوياً لجدول أعمال الأمم المتحدة لعام 2030 والأهداف الإنمائية المستدامة، لا سيما الهدف الرابع الذي يستهدف ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعليم مدى الحياة للجميع.
وسلط المدير العام الضوء على رؤية أوفيد الساعية إلى عالم تكون فيه التنمية المستدامة المتمركزة على بناء القدرات البشرية واقعاً يعيشه الجميع، مؤكداً على استحالة تحقيق هذه الرؤية دون تعزيز قطاعات التعليم الأكاديمي والمهني بمختلف مراحلها في البلدان الشريكة، واصفاً التعليم بأنه قلب التنمية وأداة النهضة ومصدر القوة لدى المجتمعات.
وفي هذا السياق، نوه الحربش بأنه قد تم تخصيص أكثر من 1 بليون دولار أمريكي من إجمالي تعهدات أوفيد لدعم المبادرات المتعلقة بالتعليم.. واوضح كيف ساعد قرض أوفيد بمبلغ 10 ملايين دولار في دعم مشروع إعادة تأهيل وتحديث خَمَس جامعات وطنية في بوليفيا، استفاد منها آلاف الطلاب والمحاضرين والمجتمع المحلي ككل.
وعلى صعيد آخر، فقد وقع المدير العام خلال جولته الثانية في الأرجنتين على اتفاقية قرض جديد قيمته 50 مليون دولار دولار أمريكي، يتم بموجبه تمويل مشروع يستهدف توفير إمدادات المياه في جران تولوم بالتعاون مع الحكومة ومؤسسة أوفيد الشقيقة، الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
ومن المتوقع لدى استكمال هذا المشروع تلبية الطلب الحالي المتزايد على المياه واستيعاب الاحتياجات المستقبلية لنحو 520 ألف شخص في مقاطعة سان خوان. وقد وقع الحربش الاتفاقية مع حاكم المقاطعة، سيرشيو أونياك، الذي أعرب عن امتنانه وتقدير بلاده لدعم أوفيد المتواصل.
وأثنى المدير العام على التعاون القائم بين أوفيد والأرجنتين، والذي بدأ عام 2010 بتمويل القطاع الخاص بقيمة إجمالية قدرها 120 مليون دولار أمريكي، بما في ذلك مشروعان للقطاع العام لتحسين إمدادات المياه الصالحة للشرب. وفي ختام كلمته، أكد الحربش لحاكم المقاطعة أونياك على «استعداد أوفيد الحقيقي غير المشروط» للحفاظ على الشراكة القوية.
ومن جانبه، قال الحاكم أونياك أنه «بالنظر إلى المناخ الجاف وجغرافيا مقاطعة سان خوان، فإن هذا المشروع سيساهم في تنمية وتطوير شعبنا ومدننا كما أنه سيزيد من حجم وإمكانيات النشاط الاقتصادي في مقاطعتنا». واختتم كلمته قائلاً: «ما كان لنا أن نبدأ مثل هذا المشروع بمفردنا. لذا، نشعر بالامتنان والشكر تجاه مدير عام أوفيد والحكومة الوطنية الأرجنتينية».
وفي ختام الزيارة استقبل وزير الخارجية الأرجنتيني، هورخه مارسيلو فاوريه، مدير عام أوفيد، حيث تمت مناقشة سبل توطيد العلاقات بين أوفيد والأرجنتين وتبادل وجهات النظر المشتركة حول أهمية الاستثمار في البنية التحتية الحيوية. وأعرب وزير الخارجية عن امتنان بلاده لتمويلات أوفيد الأخيرة، وكذلك رغبة حكومته في تلقي المزيد من الدعم لمشروعات تطوير البنية التحتية في المستقبل القريب.