د. عبدالرحمن الشلاش
هل لنا أن نفترض أن التخصصات الهندسية الجامعية أصبحت حاليا ضمن قائمة التخصصات التي لا يحتاجها سوق العمل السعودي ؟ ستكون هذه الفرضية مقبولة في حالة واحدة فقط. هذه الحالة هي أن تكون جميع وظائف المهندسين في القطاع الخاص مشغولة بمواطنين سعوديين، سواء من خريجي الداخل أو الخارج. في هذه الحالة سنقول للخريج من هذه التخصصات لا يوجد وظيفة تليق بمقامك «يا باش مهندس».
هذه الفرضية بصدق وشفافية لا يوجد ما يثبتها على أرض الواقع، بل إن ما لدي من إحصائيات نشرتها صحيفة الاقتصادية السعودية في عددها الصادر في 29-3- 2017 سيدحض أي محاولات لتأكيدها وإثباتها. ورد تحت عنوان «230 ألف مهندس في السعودية 92% أجانب» أن 8% فقط من بين المهندسين المسجلين لدى الهيئة السعودية للمهندسين سعوديون، وأن 37% من مصر، و13% من الهند، و10% من الفلبين، و9% من الأردن، و31% من دول أخرى متنوعة.
من هذه الإحصائية يتضح أن عدد الفرص المتاحة أمام الخريجين السعوديين والمشغولة بوافدين تبلغ 211600 فرصة لم تتحرك وزارة العمل لإحلال خريجي الهندسة في بعضها على الأقل والإبقاء على المميزين من الوافدين كي يستفيد من خبراتهم الخريجون، والقطاع الخاص يوصد أبوابه أمامهم لأسباب كثيرة يجب أن تبحثها الوزارة وتعالجها ليجد الخريج طريقا واضح المعالم وميسراً لعالم العمل.
في برنامج الثامنة مع الزميل داود الشريان تم تخصيص حلقة ملتهبة لمناقشة بطالة المهندسين. حضر خريج هندسة معمارية وخريج هندسة كهربائية. تتألم وأنت تسمع حديثهم عن بطالتهم وسعيهم للحصول على فرصة حتى أن أحدهم قد عرض على صاحب مكتب هندسي أن يعمل مجانا مقابل الحصول على عمل واكتساب خبرة لكن عرضه المغري قوبل بالرفض من صاحب العمل بحجج غير منطقية!
نحن في هذه المشكلة أمام وفرة هائلة من الفرص تؤكد أن بطالة خريجي الهندسة لا علاقة لها بعدم وجود وظائف وإنما هناك عقبات يضعها أصحاب العمل، وخاصة من يفضلون الوافدين على المواطن بحجة أنهم أفضل وأكثر خبرة وقدرة على العمل المتواصل والقبول بالحد الأدنى من المرتبات!
هذا التوجه بعدم القبول بالمهندسين السعوديين في قطاعات الأعمال سيؤدي إلى ضياع الاستثمارات الضخمة التي ضختها الحكومة للاستثمار في العنصر البشري ما لم تبادر وزارة العمل لحل هذا المعضلة وتصحيح الوضع غير السليم.