مها محمد الشريف
العصر الحديث خيب آمال الإنسانية، فكان عصر سلطة مطلقة واشتداد طغيان تكالبت فيه النوازع ، ولكننا لم نزل نؤمن بعودة الاستقرار لتلك البلدان، وأنه لابد من الخروج من الضغوط الأجنبية والتأثيرات الخارجية إلى عالم جديد فسيح، فإن أسوء الكوارث والنكبات لن تفلح في إسكات الشعوب.
قال «سورين كيركغور» عن تراجيديا التقدم: «حدث أن اندلعت النيران في إحدى المسارح فظهر المهرج ليخبر الناس، فظنوا أنها دعابة وصفقوا له. أعاد تحذيرهم لكنهم صاحوا فيه. وأنا بالمثل أعتقد أن العالم سوف يصل إلى نهايته وسط تصفيق عام من جميع المفكرين الذين يعتقدون أنها مجرد نكتة أو دعابة.»
فهل ينتهي العالم وسط تصفيق حار؟ وتتوقف كل الجهود المنادية بالحياة لكفاية الأزمات، وتحيلنا فوراً إلى تراجيديا «كير كغور» في استقراء للأحداث لكونها تمثل عصر يطول فيه أمد المآسي والحروب وتستعصي حلول القضايا المصيرية ومفهومها المنطقي، لذا، نقول لقد توقف الزمان رغم تسارعه لتعيش الدول المنكوبة وقفة مطولة والدول الكبرى تتحارب على أرض عربية وتقول إنها تبحث عن الدلالات التي يمكن أن تهتدي بها إلى السلام .
لا يمكن أن نتحدث عن تدافع المصائب إلا إذا أخبرونا بالحقائق وتم تحديدها في الدول المعطوبة فحالة العطب أصابت عدة دول وأصاب الدمار شعوبها ولم يسلم أيضا شعب إيران من القمع والانتهاكات وسرقة مقدراته - دولة الأقليات -ونظامها الحاكم المنتمي إلى الفرس الأقل من نصف عدد سكان الدولة، تقودها سياسة مضطربة في الداخل ومتآمرة في الخارج حالة الشعب فيها مضطربة ساخطة من الفقر والجوع ضائعة أهدافه ضمن مناخات متصارعة يعيشها وينتفض احتجاجا على اقتصاد ينفق على تمويل الإرهاب .
وكما ذكرت سابقا أن النظام في محتواه العميق ثورة ستقف الأقليات العرقية ضدها كما توقعت برندا شيفرالخبيرة في الشؤون الإيرانية بأن تلك الأقليات قد يكون لها أهمية بالغة في رسم مستقبل إيران، وأن انقسام الاتحاد السوفيتي السابق إلى روسيا ومجموعة من الدول الصغيرة على حدودها كان بفعل الدور الذي لعبته المقاطعات النائية والتي كانت تضم بالأساس أقليات عرقية.
وبعد الاحتجاجات من الأقلية العربية التي تقدر بنحو 3 ملايين نسمة اشارت دراسات أخرى إلى أن عدد العرب يتجاوز 5 ملايين نسمة، وهم يتحدثون اللغة العربية، ولكن تضارب الإحصائيات في نسبة عدد السكان من الأقليات يفضح ميادين الحياة العادلة في نظام طهران فثمة أمور كثيرة تحدث في الداخل الإيراني، يراقبها العالم عن كثب بصمت مطلق.
وحتى لا أحيد عن رؤية موضوعية ، فإنني لم أذكرإلا أحداث متتابعة بكامل سيطرتها ونتائجها العكسية من شعب سوريا إلى بقية الشعوب المكلومة حيال سياسات تشكل تهديدا بقيادات زائفة ومتناقضة، أنظمة ضالعة في القصص الدامية بمنطقة الشرق الأوسط لتبقى الحقائق مقيدة بسلاسل عصية تمنعها من الوقوف في محطات التاريخ.