م. خالد إبراهيم الحجي
إن الفكاهة والدعابة وجدت منذ خلق الإنسان ونلمس آثارها في أغلب الشخصيات وعلى مستوى المجتمعات بدرجات متفاوتة. والفن المسرحي بدأ قديماً جداً عند الإغريق والرومان وتطور في القرون الوسطى في أوروبا وبلغ ذروته بمسرحيات شكسبير وصولاً إلى عصر النهضة إلى أن ظهر المسرح التجريبي المعاصر، واحتل المسرح الأوروبي مكان الصدارة في الفنون الحديثة، وقد انتقلت فنون المسرح إلى العرب والشعوب الإسلامية إلى أن انتعش حديثاً في مصر وسوريا ولبنان، ثم أخيراً في الكويت. والتمثيل جزء جوهري من الفن المسرحي وهو تقمص الشخصيات الدرامية المتنوعة ومحاولة محاكاتها على أرض الواقع، وأداء الأدوار وتجسيد الشخصيات وأبعادها المتباينة في الروايات أو المسرحيات المكتوبة. والمسرحيات بأنواعها المختلفة، التراجيدية الحزينة، والكوميدية الفكاهية لها تأثير قوي على جمهور المُتَلَقِّين عامةً ويمتد أثره لمدة طويلة على الأطفال خاصة؛ لأن التمثيل غريزة فطرية عند الأطفال تتجسد في قوة الملاحظة وتقليد الآخرين، وتقمص الشخصيات المختلفة يبدأ عند الأطفال قبل بداية نطقهم للكلمات من خلال تقليدهم للوالدين والكبار، لذلك يجب تجنب العروض المسرحية العشوائية المرتجلة التي تؤثر على الأطفال الصغار بطريقة سلبية تتصادم مع طبيعتهم في مقتبل أعمارهم، وتنافي غريزتهم الفطرية المخلوقة على حب المرح والحيوية والنشاط، مثل: «مسرحية الميت» التي ظهرت في فيديو تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأحد المدارس الابتدائية لطلبة صغار السن يمثلون السير في جنازة أمام الطابور الصباحي للمدرسة وهم يحملون نعشاً على أكتافهم، ينام عليه طالب ملفوف بثوب أبيض يمثل جسم الميت وكأنهم يشيعونه إلى مثواه الأخير. وتتضح ضرورة المسرح وأهميته من الفوائد التالية:
(1): يطور القدرة على توصيل الأفكار والمشاعر إلى الآخرين بطريقة مباشرة من خلال مواجهة الجمهور، وينمي ملكة التعبير عن النفس بطريقة أكثر فعالية وإيجابية.
(2): وسيلة ترفيه ثقافية جذابة تملأ الفراغ الاجتماعي، وتشبع النهم الثقافي في المجتمع، وتشغل وقت الفراغ وتستثمر الطاقات في مواضيع هادفة تنفع المجتمع وتفيده.
(3): المسرح مرآة المجتمع بواسطته نستطيع محاكاة الواقع ونقده نقداً هادفاً وبنّاءً ومعالجته معالجة مجدية بأسلوب كوميدي ممتع وجذاب، وهو المحضن أو المختبر الذي تعرض فيه القضايا الاجتماعية الهادفة وتناقش فيه حلولها بطريقة درامية مقنعة أو كومدية ممتعة.
(4): توظيف المسرح كمنصة توجيه ونصح وإرشاد، وتصحيح السلوكيات المنحرفة والأفكار المتطرفة عند الشباب؛ لأن المعاني والرسائل والقيم التي يعرضها المسرح أمام الجمهور بطريقة كوميدية مسلية مع المؤثرات الصوتية والضوئية تجذبه وتشحذ ذهنه، وتظل في الذاكرة مدةً طويلةً تساعده في تغيير سلوكياته الشخصية والاجتماعية، ومساعدته في الجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وتأسيس الهيئة العامة للترفيه يضع على عاتقها مسؤولية تنويع مجالات التسلية والترفيه في المجتمع، وأن تأخذ في اعتبارها إدخال الفن المسرحي الترفيهي والثقافي كإحدى وسائل الترفيه الحديثة، كما تضع في اعتبارها مسؤولية الإشراف المباشر على صياغة الأعمال المسرحية وأدائها بطريقة مهذبة توافق العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية، والثوابت الوطنية، وتعاليم الشريعة الإسلامية. وهيئة الترفيه العام ستحتاج إلى الكُتاب والصحفيين والمثقفين والمفكرين ونخب المجتمع الاجتماعية والعلمية والدينية لدعم الوافد الجديد (المسرح الثقافي الترفيهي) لتفعيل دوره في المجتمع..
الخلاصة:
إن المسرح يعالج القضايا الاجتماعية بطريقة درامية وفكاهية مسلية مبطنة برسائل التوجيه والنصح والتوعية والإرشاد.