ميسون أبو بكر
ما زلت أتذكر أول يوم لي في قناة الإخبارية في التلفزيون السعودي وأول رفقة للكاميرا في تصوير الحلقة الأولى من برنامج « الأشرعة»، منذ سنوات طويلة بعد رحلة ليست بالهينة للبحث عن استديو لتصوير البرنامج وإعداد فريق عمل يتناسب مع طبيعته.
أشعر اليوم بعذوبة الرحلة وأفرح لكل التفاصيل الصغيرة والعقبات الكثيرة التي كانت تواجهنا، أشكر للكاميرا هيبتها ورهبتها التي رسمت شخصيتي، أشكر للضيوف مزاجيتهم وظروفهم التي علمتني الترقب والصبر وسرعة الإنحاز تحت الضغوط، فليس هناك أكثر تعليما للصبر من إعداد وتقديم برنامج حواري ضيوفه من المثقفين أو نجوم المجتمع، حيث إن اعتذار الضيف في آخر اللحظات يخلق للإعلامي تحديا مليئا بالإثارة ودروس الحياة.
مررت بهذة التجرية1700 مرة كانت تمر بسلام ،1700 حلقة تلفزيونية تعتمد على مدى احترام الضيف لموعد التصوير.
في الأسبوع الماضي حضرت كضيفة لبرنامج بعد أن أمضيت مايقارب 15 عاما مضيفة في دار التلفزيوني الأحب الى قلبي، في لقاء برنامج «سطور» على القناة الثقافية بي الأسبوع الماضي كان الأمر مختلفا تماما وكانت هناك نهضة تلفزيونية لا أستطيع إلا أن أحدثك عزيزي القارئ عنها فقد أدهشتني كابنة للتلفزيون، أتكلم اليوم على حياد وفي نفس الوقت بانتماء للتلفزيون الذي منحني ذاكرتي الإعلامية ومنجزي الذي ساهم في تشكيل شخصيتي وما أنا عليه الآن.
ديكورات الاستديوهات تغيرت، الجرافكس وشارة البرنامج محترفة، دخول العنصر النسائي السعودي في طواقم العمل الفني، غرفة خاصة في كل استديو لاستراحة الضيوف، تقنيات مجهزة لخدمة الحلقة، مدير استديو حاضر تأكّد من الفنيين ووثق حضورهم، ثم الإضاءة الجيدة مما أمتع المشاهد بحلقة جميلة وافية الشروط الفنية.
التفاصيل الصغيرة في التلفزيون تحدث فرقا واضحا في هذا الجهاز الذي يشكل كياننا الأسري، والذي يجب ألا نفتخر بنقدنا السلبي تجاهه، ونعطيه الوقت لهذا التغير الملحوظ ولهذه النهضة التقنية والبشرية التي لا يغفل عنها الا جاحد.
ما أشاهده وما أسمع عنه من ورش تدريبية للمذيعين وفرص ذهبية أعطيت للشباب الجدد، والشاشة التي تتلون بصور معبرة عن تضاريس المملكة المختلفة ومناطقها الجميلة وتراثها، كما تصوير الحلقات بمناطق برية وتراثية مع عناصر البيئة السعودية المبهرة كل هذا يشعر بالفخر ويشير إلى التميز.
لا تقلقني الإشاعات لأن الحقيقة سرعان ما تلقي بها لأقرب سلة للنسيان، لكني أحب أن يكون المشاهد السعودي جزءا من هذا التطوير بتفاعله وعودته لقنوات التلفزيون الحكومي وتشجيعه والابتعاد عن النقد السلبي.
الآن أيضا أستطيع أن أتحدث عن قرار إيقاف المتعاونين في التلفزيون السعودي بعد إثارة الموضوع وكل الاحتجاجات التي تناقلتها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان تصريح رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون الاستاذ داوود الشريان بعودة المتميزين منهم بعقود جديدة ورواتب مجزية وشهرية، كما بتأمين صحي يجعل منهم موظفين فاعلين آمنين على وظائفهم وأكثر انتماء لجهاز التلفزيون مما يغني عن وجود عدد منهم بلا جدوى وبدون حضور أو إنجاز، ومن يعمل بالتلفزيون يدرك جيدا ما أشرت إليه.
أهلا بقنواتنا وأهلا بإعلامنا المواكب لرؤية المملكة وحضورها العالمي وتحية لكل المتفائلين والمتفاعلين مع هويتنا الإعلامية.