سمر المقرن
كلّما اختلف معك أحد قال عنك: «مو سعودي».. وكلّما خرج أحدهم بموقف شاذ أو مقطع غير لائق قالوا عنه: «مو سعودي.. أو مو سعودية»، أو من أصول خارجية أو أنه مهجّن! وهكذا تغدوا تبرئة العرق السعودي من أي موقف سواء كان صحًا أم خطأ، أو كان مختلفاً حتى لا أدخل هنا في قضية محاكمة الآخرين. الأمر الذي يثير العجب هو شعور -بعضهم- أن السعودي يجب أن يكون بهيئة واحدة وشكل واحد ورأي واحد، وهذا أمر غير صحيح ويتجاوز المنطق والعقل. فطبيعة أي مجتمع هو التنوع والاختلاف، وهذا يحدث في مجتمعات الدول الصغيرة، فكيف به وهو في مملكة كبيرة مساحتها أكثر من مليوني كيلو متر مربع، وتضم مئات الثقافات المتنوعة والمختلفة بدءاً من أصغر التفاصيل إلى أكبرها، وطبيعتها تحمل التنوع والاختلاف والتشكيلات غير المنفرّة، بل أنا أراها جميلة ومكملة لبعضها البعض.
أستغرب حقيقة من هذا الأسلوب الإقصائي الرخيص الذي يستبعد أي مخالف، أو يشعر بأن السعودي إنسان منزّه عن الاختلاف أو (الخطأ) كما يراه أفراد أو جماعات أياً كانت أفكارها. من المهم أن نشعر ونستشعر الاختلافات، ولن أطالب بتقبلها لأن هذا الأمر يرجع لطبيعة الأشخاص، إنما من الضروري تقبّل وجودها والتعايش معها، ولعل ما نراه اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي من أمور -بعضها- غير مقبول، هذا يمنح المشككين بأن الإنسان السعودي لديه اختلافات وأن أفراد المجتمع لم يخلقوا بهيئة واحدة، بأن يروا بأنفسهم عبر هذه الوسائط الاختلافات ويقبلوا وجودها وليس بالضرورة أن يقبلوا بها!
أعتقد أن هذه الأفكار مردها قصور حالة الحوار في المجتمع، بل والإيمان بأن الحوار هو أساس تقبل وجود الاختلافات وبفعله يُمكن التعايش معها. وأيضاً سوف يؤسس إلى فكرة أن قبول الأشخاص لا يكون بالضرورة لمن هم في حالة اتفاق تام معك بجميع الأفكار والسلوكيات، بل من الممكن أن نقبل المختلف بإيجاد روابط الاتفاق والابتعاد عن أسباب الاختلاف.
أذكر أنني عندما ألتقي بصديقات بيننا بعض الاختلافات الفكرية أو السياسية، فإننا نعلم تماماً بوجودها ونتفق على عدم فتح أي أبواب لحوارات قد توجد بيننا أي تنافر، وبذلك نستطيع تقبل بعضنا ونستمر في صداقتنا، أقول هذا من باب جلب مثال على فكرة تقبل الاختلاف، مع أن قبوله لا يعني أن يكون هناك صداقة أو علاقة، إنما من المهم تقبّل وجود المختلف كأحد أفراد المجتمع، وأنه مهما اختلف عنك يبقى (سعوديًّا) وليس هناك اتفاق حاسم بين أفراد المجتمع إلا بالولاء للدين والوطن.