كان لقاء معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عوَّاد بن صالح العوَّاد برؤساء مجالس إدارات الأندية الأدبية يوم الأربعاء الموافق 14/5/1439هـ في مركز الملك فهد الثقافي، قبل اجتماعهم الدوري في ضيافة النادي الأدبي بالرياض، مرتقَبًا ومُشجِّعًا، فقد أعطى انطباعات مهمَّة، وأكَّد على أهميَّة تواصل المسؤول الأول عن الثقافة مع رؤساء المؤسسات الثقافية، وفَتَحَ مجالات عريضة لتحقيق الآمال والطموحات الواسعة المشروعة في الحركة الثقافية.
إنَّني – بحقٍّ – أشعر بالغبطة والسرور حين تعقد مثل هذه اللقاءات؛ لكوني أحد المتطلعين لازدهار الثقافة والمهتمِّين بالشأن الثقافي في بلادنا العزيزة، التي حباها الله مكانًا ومكانة دينية واقتصادية وثقافيَّة، يؤهلها ذلك كلُّه لأن تكون باعثة للحركة الثقافية، وداعمًا حقيقيًا لها وللمثقفين ليس على مستوى المملكة العربية السعودية فحسب، وإنما على مستوى الوطن العربي الكبير.
فالثقافة تُشكِّل شطر وزارة الثقافة والإعلام، وازدهارها وإسهاماتها البنَّاءة من أولويات معالى الوزير؛ لذا يؤمل أن تكون هذه اللقاءات المهمة فرصة سانحة لمناقشة المتطلبات التي تجعل المؤسسات الثقافية وعلى رأسها الأندية الأدبية تواكب الطموحات والتطلعات المستقبلية، ويستعرض معالي الوزير مع المثقفين ما يُذلِّل العقبات أمام الإسهامات الفعليَّة في تحقيق رؤية المملكة 2030 على مختلف الأصعدة التي تفيد في تنمية هذا الوطن وازدهاره، وتحقيق الأدوار المنوطة بكل عناصر الحركة الثقافية في تحقيق هذه الرؤية بعامة والشَّأن الثقافي بشكل خاص.
ولا شكَّ أنَّ لقاء الرجل الأول المسؤول عن الثقافة بالمسؤولين عن الأندية الأدبية فرصة سانحة للتعرف على هموم الأندية الأدبيَّة، وقراءة رسائل المثقفين والمثقفات، والاطلاع على الاحتياجات المتنوِّعة للنهوض بالثقافة من جديد، وإحيائها وفق خطة إستراتيجية حقيقية هادفة، وهو ما يتطلب إما قرارًا وزاريًا، أو تنسيقًا بين المؤسسات الثقافية والوزارات، أو الهيئات المعنيَّة ذات الصلة.
وقد عُرف عن معالي الوزير العواد أريحيَّته وشفافيته، وتطلُّعه إلى الاستثمار بالثقافة، وجعلها رافدًا من روافد الاقتصاد، أو بعبارة أخرى مجالاً حيويًا متطورًا يسهم في البناء والتنمية بما يواكب رؤية المملكة2030 ويتماشى مع خطة التحوُّل 2020، وهنا يحقُّ للمثقفين التطلُّع ومواكبة هذه النظرة المتقدمة إلى الثقافة بالسعي نحو المطالبة بإدماج بعض البرامج الثقافية والفعاليات الإبداعية والأنشطة الأدبية والفنيَّة في خطط هيئة الترفيه، وإشراك نخبة من المثقفين في الاختيار والتحكيم والمراجعة؛ لتكون فعاليات الهيئة وأنشطتها شاملة ومتنوعة تناسب طموح جميع شرائح المجتمع، فيمكن للثقافة أن تسهم في تقديم برامج نافعة لعموم هذه الشرائح، وبالأخص شريحة الأطفال والشباب؛ حيث ضرورة الاهتمام بالقراءة والرسم وفنون النحت، والخط العربي، وجودة الإلقاء، ومهارات مخاطبة الجماهير، وبناء الشخصية، وغيرها، وتقيم المسابقات والمنافسات المتنوِّعة في حدود هذه البرامج وغيرها، مما يخدم المجالات التربوية والتعليمية والموهبة والإبداع وتنمية الذات والتفكير.
كما يمكنها جذب الشباب من الجنسين؛ ممن لديهم طاقات إبداعية فريدة في الجوانب الثقافية والأدبية والفنون المختلفة، فتلك الطاقات بحاجة إلى رعاية وإثراء يُنمِّي العقل، ويصقل التجربة، ويكتشف المواهب ويرعاها.
وإذا كان المثقفون ينظرون إلى هيئة الترفيه، ويتطلعون إلى أن تكون هذه الهيئة شريكًا جديدًا مناسبًا لتقديم إسهاماتهم في خدمة الوطن، وتنفيذ أهدافهم التي تبني النشء، وترعى الشباب، وتلبي تطلُّع أفراد المجتمع كافة، فإنَّهم يتطلعون – أيضًا – إلى شراكة مهمة أيضًا مع هيئة أخرى، وهي هيئة الشباب والرياضة، فهم ينتظرون الدعم لتنسيق الجهود مع هذه الهيئة الفاعلة على مستوى الشباب، ومع جهات عديدة كأمانات المناطق وغيرها؛ لتهيئة بعض المواقع لإقامة الفعاليات الثقافية، التي ترفع مستوى الوعي، وتنمِّي النشء، وتلبي تطلعات المفكرين والمهتمين.
كل هذه التطلعات المشروعة وغيرها بحاجة إلى أن ترى النور، وتتجسد على أرض الواقع إن رغب المسؤولون عن الثقافة والمثقفون في إسهام حقيقي للثقافة في تنمية الوطن وبث الوعي في أبنائه.
وأعلم أنَّ الزملاء العاملين في النادي الأدبي بالرياض يبذلون جهودًا حثيثة، ويتطلعون بشغف برئاسة الدكتور صالح المحمود وزملائه أعضاء مجلس الإدارة إلى اقتناص كل الفرص المهيأة لبعث الحركة الأدبيَّة والثقافيَّة في مدينة الرياض، ولديهم الأفكار الخلاقة، والمبادرات المبتكرة لنهوض هذه الحركة، وينتظرون الدعم والمؤازرة من القطاعين الحكومي والخاص، فهم يعملون بروح الشباب، ويجنِّدون كل طاقاتهم لخدمة الشأن الثقافي، كما تقوم بعض الأندية الأدبية في المناطق المختلفة بنشاطات مشجعة تنبئ عن رغبة صادقة في إثراء المشهد الثقافي وخدمته، وتقويم مساره، والعمل على احتواء الطاقات والمواهب المبدعة.
إنني على ثقة بأن المسؤول لم تغب عن ذهنه مثل هذه المبادرات، وتلك الرغبات، ولكني أبعثها رسالة تذكير، فأدعو كل معنيٍّ بالثقافة دعوة صادقة إلى المبادرة في خدمة الوطن، وتقديم الغالي والنفيس في سبيل رفعته وازدهاره، فنحن نعيش على أرضه وتحت سمائه، نتفيأ في ظلاله آمنين، ونسعد فيه سالمين مطمئنين، وهو ينتظر منا البذل والعطاء، فهو الوطن المعطاء، وهو منطلق العروبة، ومهوى أفئدة المسلمين، ومهبط الوحي على سيِّد المرسلين، وهو حاضن الحرمين الشريفين. والدولة – وفقها الله – لم تدَّخر وسعًا في خدمة العلم والعلماء، والمثقفين والأدباء، ودائمًا ما كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – يؤكِّد على القيم الثقافية لهذه البلاد المقدَّسة، والثوابت الأصيلة لها، ويدعو أبناءها إلى الاستزادة من العلم، والسعي إلى أن يكونوا فاعلين وعاملين للخير ومتعاونين عليه.
وسار على نهج خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – وليُ عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وزير الدفاع نائب رئيس مجلس الوزراء – وفَّقه الله وسدَّده – في تشجيع الثقافة والمثقفين؛ حيث أكَّدت رؤية المملكة 2030 على هويَّة المملكة العربية السعودية، وأكدت على الاعتزاز بحضارتها وثقافتها الزاخرة، ولم تغب مفاصل كثيرة في هذه الرؤية عن تعزيز الدور الثقافي والبناء عليه.
دمتم في رعاية الله، ودامت بلادنا عزيزة شامخة.
** **
د. محمد بن أحمد الخضير - كاديمي سعودي
maakdir@gmail.com