د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
اتسم عام 2017 بضعف القطاع العقاري لم نشهدها منذ سنوات، رغم أن الأسعار سجلت انخفاضا في القيمة لأول مرة منذ عام 2008، وبقاء أعداد كبيرة من المشاريع التي أطلقت في أعوام سابقة شاغرة في ظل انخفاض الطلب والفجوة الكبيرة بين القيمة الحالية وقدرة المشترين.
في ظل تضاؤل السيولة ودخول الحكومة شراكة مع بعض شركات التطوير العقاري لتوفير خيارات غير ربحية للمواطنين، وفرض الرسوم التي تعتبر الأكثر وجعا للمستثمرين، وجميعها عوامل تبلورت لتشكيل الشكل الجديد للسوق، بانتظار الملامح التي رسمتها رسوم الأراضي البيضاء التي يراهن عليها العديد في خفض الأسعار وتوفير أراضي داخل نطاق المدينة بعدما كان البناء مبعثرا وخارج نطاق المدينة بحثا عن أسعار أراضي أرخص.
جاء إطلاق برنامج الإسكان لـ16 جهة حكومية من أجل توفير حلول سكنية للأسر السعودية مستهدفة رفع نسبة التملك إلى 60 في المائة بحلول عام 2020، والوصول إلى 70 في المائة بحلول عام 2030، ومن أبرز الجهات الحكومية إلى جانب وزارة الإسكان التي تبنت برنامج سكني كل من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وزارة التخطيط والاقتصاد، وزارة الشؤون البلدية والقروية، مؤسسة النقد العربي السعودي، صندوق التنمية العقارية، الشركة السعودية للكهرباء، إضافة إلى أن البرنامج الذي يستهدف نسبة كبيرة من مستفيدي الضمان الاجتماعي.
البرنامج يصبح مظلة للإشراف على الجهات المشاركة فيه، ويضمن التنسيق بشكل مستمر فيما بينها للعمل بخطوات متسارعة لإيجاد الحلول المناسبة والآلية التي تتسم بالدقة خصوصا بعدما نجحت شركة أرامكو والهيئة الملكية للجبيل وينبع في تنفيذ مثل تلك المشاريع في فترات مبكرة جدا.
برنامج الإسكان يأتي ضمن 10 برامج ذات أهمية استراتيجية للحكومة حددها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لتحقيق رؤية المملكة 2030، وصيغت آليات البرنامج وفق حوكمة الرؤية التي تضمن المساءلة والشفافية والرقابة المستمرة، وتفعيل أساليب متابعة المبادرات وتنفيذها.
تضمن البرنامج تحسين نمط الحياة، وتهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطن التي تسهم في جودة حياة الفرد والأسرة والمجتمع وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية بدلا من البناء الفردي المتعدد والمبعثر والمرتفع التكلفة، خصوصا وأن الإسكان سيعتمد على المباني سريعة البناء والتي ستشكل نحو 50 في المائة من إجمالي مشاريع الإسكان وهي التي تتطابق مع معايير الجودة المتوافقة مع كود البناء السعودي، لكنها في نفس الوقت تهدف إلى رفع جودة عملية البناء وتقليل الوقت المطلوب لإنهاء عملية البناء وتقليل التكلفة الإجمالية لمشاريع الوزارة ليتحقق للمواطن مسكن بأقل الأسعار مع المحافظة على الجودة وعلى شكل المدينة.
يتوقع أن تشهد السوق السعودية تحولا في استخدام التقنيات، خصوصا الأمريكية منها مثل البريكست أو القوالب سريعة البناء التي تتميز بتقنيات بناء جديدة تسهم في سرعة الانجاز والجودة العالية والتي تعتمد الحوائط الجاهزة التي توفر عزلا حراريا وصوتيا كأنظمة البناء الأمريكية أو الصينية التي تعد منخفضة التكلفة مقارنة بالطرق التقليدية المعروفة التي سادت في الفترة الماضية في السوق السعودي، والتقليل من الاعتماد على العمالة مقارنة بالبناء التقليدي خصوصا أنها تتناسب مع التوجهات الجديدة للدولة في تقليص عدد العمالة الخدمية غير المهنية ذات الإنتاجية المتدنية واستبدالها بيد عاملة سعودية تستخدم التقنيات العالية وبإنتاجية عالية.