د.عبدالعزيز الجار الله
مرحلة جديدة تمر بِنَا لا تكاد تشبه أي مرحلة مرت بها بلادنا في التاريخ المعاصر، ففي التاريخ الحديث في القرنين 19 و20 كانت الحضارات والحقب متشابهة في الخليج العربي والجزيرة العربية واستمرت الحالات المتشابهة من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية حتى هذا الزمن المعاصر حيث حدثت تطورات في السعودية والخليج منذ منتصف السبعينيات الميلادية (1975م) بفضل الله ثم بفضل العائد النفطي ونشأت على إثره مدن الخليج العربي والبحر الأحمر الجديدة، أي قيام حضارة ومدن جديدة، وشعوب ودول استثمرت التنمية، فالتي كانت توصف بالخيمة والناقة والبعير والصحراء الشحيحة والبادية والقبائل الرحل والمستقرة، والجدري الذي يحفر بالوجه، والفقر والجهل والمرض التي تلازمت لدهر طويل انقلبت إلى تنمية مرئيّة ومسموعة، وتدون في سجل التحضر: مدن أبراج وواجهات بحرية عملاقة ومبانٍ من ألواح الزجاج والرخام وقطارات تخترق بحار الرمال، ومطارات لا حصر لها في المدن الكبيرة والصغيرة. إذن كل شيء بالخليج العربي تغير، الدولة والناس وحتى البيئات.
وبعد هذه مرحلة التغير العمراني دخلنا مرحلة التغييرالبشري، التغير في عمران البشر الثقافة والسلوك والممارسة، حيث تحركت في سرعة على شكل مجموعات في البدء كانت:
البحرين والكويت.
ثم الإمارات.
واليوم تشهدها السعودية وقطر وعمان.
وأخيراً اليمن بعد أن تتعافى من سنوات الحرب وتستقر.
أما العراق فقد كانت تقود التحضر كونها عاصمة الخلافة العباسية لقرون عديدة، والعاصمة التي تمثلت بالدولة التي شكلت من نفسها بوابة للعرب على فضاء آسيا الوسطى الفسيح، لكنها أنهكت بفعل الحروب وتراجعت تنمويا لسنوات كثيرة.
السعودية تدخل مرحلة اجتماعية جديدة ليست لها مماثل في الحقب الماضية، ثقافة حديثها في الشأن الاجتماعي والتنموي، وحتى على مستوى أنماط العيش وتنافس الأجيال المتقاربة وبروز الأجيال التي ولدت بحمد الله من رحم الدورة الاقتصادية الأولى التنمية الأولى، والتي دخلت الوظائف أواخر التسعينيات الميلادية، لها ثقافتها وأنماطها وفلسفتها وأشيائها وموجوداتها وبالتالي نحن نعيش صياغة اجتماعية جديدة، وتحولات مشاهدة، الجميع يرصدها وما زالت تحت المراقبة والجدل وهذا يحدث مع كل تغيير اجتماعي واقتصادي.