«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
سألني حفيدي وهو يشاهد الأخبار في التلفزيون عن احتفال العالم باليوم العالمي للإذاعة. ولماذا تم اختيار يوم 13 فبراير من كل عام ليكون يوماً عالمياً تحتفل به دول العالم بالراديو، فأجبته بهذه «الإطلالة» لهذا اليوم ولو أنها جاءت متأخرة عن يوم الاحتفال لكنها على الأقل جاءت متأخرة أفضل من لا تأتي كما يُقال.
الإذاعة هذه الوسيلة التي كانت تشكّل حلقة اتصال بين شعوب العالم في زمن لم يكن فيه وسيلة اتصال كالإذاعة «الراديو» لتكون حلقة اتصال بين الناس. وتم الاختيار لهذا اليوم بالذات كونه بدأ فيه بث إذاعة الأمم المتحدة في عام 1946م وكانت فكرة الاتصالات اللا سلكية سبقت اكتشاف «الراديو» مع بداية التجارب «للتغراف اللا سلكي عن طريق العديد من التجارب العديدة التي قام بها مجموعة من العلماء كان من أهمهم «جيمس كليرك ماكسويل» في عام 1864م عندما اهتم بالموجات الكهرومغناطيسية والتي كان بإمكانها أن تنتشر عبر الفضاء الواسع.
ومن المؤكد أن الأول انتقال متعمد لإشارة عن طريق هذه الموجات تم إجراؤها في تجربة مثيرة قام بها «ديفيد إدوارد هيوز» في حوالي عام 1880م وبعدها بسنوات كان المبتكر والباحث في مجالات «الكهرومغناطيسية» السيد هاينريش رودولف هيرتز قادراً على إثبات قاطع بقدرة الموجات الكهرومغناطيسية المحمولة جواً في تجربة تؤكد نظرية ماكسويل على كان ذلك في عام 1888م بعد اكتشاف هذه «الموجات الهرتزية» وكما تشير المراجع التاريخية أنه أستغرقت عملية اعتماد مصطلح «الإذاعة» ما لا يقل عن 20 عاماً ليتم اعتماده عالمياً كنوع من الإشعاع الكهرومعناطيسي فقام العديد من العلماء والمخترعين بتجربة البث اللا سلكي وبعضهم حاول تطوير نظام الاتصالات. مع الاهتمام باستخدام هذه الموجات الهيرتزية الجديدة.. أواخر 1800م وكانت مسألة اخترع الراديو جاءت مع قدر معين من شيء من الجدل والاختلاف، ففي عام 1893 أظهر المخترع نيكولاي تيسلا راديو لا سلكي في سانت لويس بولاية ميسوري. على الرغم من أن المخترع غولييلمو ماركوني الذي غالباً ما يُنسب إليه الأب والمخترع للراديو.
وكان من بين هذه الأسباب أنه أعطي أول براءة اختراع لا سلكية للبريد في إنجلترا عام 1896م. ومع ذلك وبعد ذلك بعام، قدم تسلا لبراءات اختراع لراديوه الأساسي في الولايات المتحدة، وتم منحهم في عام 1900.
في 12 ديسمبر 1901م وكان مكان ماركوني في التاريخ قد بات إلى الأبد أول شخص ينقل الإشارات عبر المحيط الأطلسي. وتمضي الأيام سريعة ولتتطور الابتكارات والاكتشافات في مجال. وفي المجتمع الحديث باتت أجهزة الراديو حتى عندما كانت ذات الأحجام الكبيرة. هذا وكانت استخدامات الراديو قبل الحرب العالمية الأولى تستعمل في المقام الأول الاتصال بالسفن التي كانت تعبر البحور والمحيطات.
وكانت حققت شفرة مورس دوراً كبيراً ومفيداً جداً للسفن وعلى الأخص في حالة الطوارئ أيام الحرب العالمية الأولى. ومن هنا بات للراديو أهمية كبرى وفائدتها عظيمة. فكم ساهم الراديو أيامها في إرسال واستقبال الرسائل إلى مختلف القوات ومراكز القيادة وبعد الحرب بدأت أجهزة «الراديو» تنتشر انتشاراً كبيراً في جميع أنحاء أمريكا وأوربا. وبدأت محطات ومراكز الإذاعة تجد طريقها إلى الوجود واشتهرت في تلك الفترة كل من إذاعة شركة الإذاعة البريطانية. وكاكا في بيتسبرغ بنسلفانيا وتجدر الإشارة إلى أن شركة ويستنغهاوس في عام 1920م طلبت الترخيص لها للحصول على رخصة إذاعية تجارية، والتي سمحت بإنشاء ككا. ثم تصبح ككا أول محطة إذاعية مرخصة رسمياً من قبل الحكومة. وكانت ويستنغهاوس بدأ في إنتاج أجهزة الراديو وبيعها للجمهور. وتتوالى بعد ذلك منح التراخيص للعديد من المحطات الإذاعية كما تضاعف الإقبال على الإذاعة مع انتشار أجهزة الراديو في أمريكا كذلك في بريطانيا وألمانيا وبقية الدول الأوربية ومن ثم بقية دول العالم .
لقد ساهمت الإذاعة وعبر الراديو في الاستمتاع بمتابعة مختلف برامجها من أخبار وحكايات ومتابعات ونقل مباشر للأحداث والاستمتاع للأغاني والموسيقى، بل حتى التعليم؛ فكم ساهمت الإذاعة في العديد من الدول في مجال تعليم اللغات وحتى الأدب والثقافة.. والجميل أن الإذاعات في العالم ساهمت لتوعية وترشيد المجتمعات الإنسانية من خلال إرسال صوته والمساهمة في الترفيه عنه خصوصا عندما يكون وحيداً أو في منطقة نائية أو حتى داخل مسكنه. وساهمت الإذاعة عبر موجاتها في الاتصال بالفضاء. لقد كان للإذاعة في المملكة ومن خلال إذاعاتها المختلفة في نقل صورة حقيقة عن المملكة والمساهمة في التعريف بجوانب عديدة عن الإسلام. وذلك من خلال مختلف البرامج الأدبية والدينية والترفيهية ومتابعة الأخبار أولاً بأول.
ولن ينسى العالم دور الإذاعة في نقل الأحداث العالمية والحروب والكوارث لقد ساهمت بقوة في جعل المستمع يعيش الحدث أولاً بأول من خلال النقل لمباشر.. والأجمل أن ملايين من المسلمين استفادوا كثيراً من الإذاعة لنقلها مباشرة وقائع الصلاة في الحرم وتغطياتها لفريضة الحج والعمرة، بل يتابع الملايين إذاعة القرآن الكريم . بصورة دائمة. ومن مزايا الإذاعة التي تفرّدت بها عن غيرها من وسائل تقليدية فلقد تخطت الحدود. وبات الراديو بعدما انتشر «الترانسستور» يوضع في الجيب. كما هو الحال في هذا الوقت. من خلال حملنا للهواتف الذكية التي هي الأخرى توجد بها مئات المحطات الإذاعية التي تكاد تقول لك اليوم كل عام وأنت والإذاعة بخير!