فهد بن جليد
هل يمكن أن نصل مع التطور التقني والمعلوماتي إلى اليوم الذي يتم فيه إبلاغ الزوجة الأولى (آلياً) عند ارتباط زوجها (بزوجة أخرى) وبعد تسجيل عقد النكاح الجديد؟ أقترح أن تدرس وزارة العمل والتنمية الاجتماعية (المسؤولة عن الشأن الاجتماعي والأسري)، ووزارة العدل (المسؤولة عن مأذوني الأنكحة) مثل هذه الفكرة, التي أظن أنَّ فيها فوائد عديدة لكل الأطراف، فنحن هنا لا نحد من تعدد الزوجات (كحق مُباح) للرجل, ولا نطلب منه استئذان زوجته الأولى للحصول على موافقتها, بل نحمي الأسرة بأكملها مما قد يفهم بأنَّه كذب وخداع, وندفع المُعدِّد ليكون أكثر شجاعة، ويخرج من الحرج عندما يعلم بأنَّ زوجته الأولى سيتم إشعارها آلياً (برسالة نصية) على هاتفها أو عبر عنوانها الوطني, خصوصاً وأنَّ هناك قصصًا عديدة ومؤلمة لزوجات وأطفال (عاشوا في الظل) نتيجة إخفاء أمر ارتباط الزوج مُنذ البداية, ممَّا خلف آثاراً سلبية ومُحزنة, لذا أرى في مثل هذه الخطوة تقديرًا جميلاً لكل الزوجات وإنصافًا بحقهنَّ.
بعض الدول العربية سنَّت تنظيمات وقوانين تهدف لتنظيم عملية التعدد بأكثر من زوجة, لناحية قدرة الزوج المالية وملأته لدفع المهر والنفقة على بيتين أو أكثر وهذا تنظيم إداري فرض لرعاية المصلحة, إفهام المرأة الثانية قبل العقد بأنَّه متزوج منعاً لوقوع الضرر, إبلاغ الزوجة الأولى -بعد إجراء العقد- بارتباط زوجها بأخرى حفظاً للحقوق, ردود الفعل تتباين حتماً تجاه مثل هذه الخطوات بحسب طبيعة وحاجة كل مجتمع, التي تصل في بعض الدول إلى تجريم الزوجة الثانية أو عدم قانونيتها، وهذا بالطبع أمر مُخالف لا ندعو له إطلاقاً, كون الإسلام أباح التعدد بضوابطه الشرعية التي من أهمها (العدل) بين الزوجات وإعطاء كل واحدة منهنَّ حقوقها كاملة, بل إنَّ في التعدد فوائد كبيرة للرجل والمرأة على حد سواء, وللمجتمع بأكمله كحلول لمشاكل العنوسة، وكداعم للعفة والعلاقات الإنسانية السليمة والشرعية, وحماية الأعراض.
-برأيي- أنَّ الوقت قد حان لتنظيم هذه المسألة (إدارياً) بخطوات تساعد أكثر على حفظ حقوق جميع الأطراف الرجل وزوجاته وأولادهم, وعدم ترك المجال لاستغلال إباحة التعدد بالزواج والطلاق كل حين وبشكل سري, وإساءة استخدامه بما يشوه ويُخالف المقاصد السامية والنبيلة لإباحته شرعاً, ممَّا يسبب كثرة الطلاق والانفصال -عند اكتشاف الأمر لاحقاً- حتى مع وجود الأطفال.
وعلى دروب الخير نلتقي.