عند الحديث عن العمل الإشرافي يطرأ في الذهن ممارسات معينة لعل أبرزها التخطيط والملاحظة والتوجيه والتقويم والتطوير وغيرها من العمليات التي تتداخل بعضها ببعض لاشتراكها في بهدف النهوض بمستوى الأشخاص المستهدفين في عملية الإشراف.
وبنظرة عامة على الميدان التربوي نجد أن هذه العمليات لا يقتصر تنفيذها على المشرف التربوي، بل تتعداه إلى المعلم والمرشد الطلابي ورائد النشاط الذي يمارس كل منهم عمله مع الطلاب فيكون هو نفسه مشرفًا تربويًا وهو في الوقت ذاته يخضع لعملية إشراف من قبل قائد المدرسة أو المشرف التربوي المختص وهذان أيضا مستهدفان في عملية إشرافية من قبل رئاسة الأقسام التي بدورها تشرف عليها القيادات العليا في الإدارة ومن ثم الوزارة. إنها منظومة من الحلقات المتداخلة والتي يؤثر أدناها في أعلاها لتحقيق الهدف في صورته المركزة والشاملة ألا وهو تنشئة الأجيال أخلاقياً وتمكينها معرفياً ومهارياً.
ولكن عند تسليط الضوء على مصطلح الإشراف التربوي المتعلق بذلك الجهاز الذي يشرف فنياً وإدارياً على المدارس قد تطور خلال السنوات الأخيرة تطوراً ملموساً نتيجة للبحوث والدراسات التي أجريت حوله وقد اتفقت معظم الرؤى على أن الإشراف التربوي هو عملية قيادية ديمقراطية تعاونية منظمة تعنى بالموقف التعليمي التعلمي بجميع عناصره من مناهج ووسائل وأساليب وبيئة ومعلم وطالب وتهدف إلى دراسة العوامل المؤثرة في ذلك الموقف وتقييمها للعمل على تحسينها وبناء على ذلك فالمشرف التربوي في زمن المعرفة يجب أن يكون قائداً تربوياً ملهماً ذو تميّز ثقافي هدفه النهوض بالعملية التعليمية من خلال التأثير الإيجابي في جميع أطرافها.
الأمن الفكري
الأمن لغة هو الاستقرار والاطمئنان. أما مفهوم الأمن فيمكن القول بأنه الحالة التي يكون فيها الإنسان محمياً ضد أي خطر يهدده أو أنه ممتلك للوسائل الكفيلة بمواجهة أي مخاطر تهدده حال ظهورهما مما يولد لديه شعوراً بالأمان والاطمئنان.
إن مفهوم الأمن مرتبط بكل مراكز القوى في مجتمعنا، فهناك ما يسمى بالأمن الغذائي والمائي والصحي والاجتماعي وهذه الأوجه من الأمن تترابط لتكون مزاج الأمة الأمني. ولكن هناك نوعا من أنواع الأمن يعد هاجساً أمنياً لكل مجتمع، ألا وهو الأمن الفكري الذي يحمي عقول المجتمعات.
إن العاملين بالميدان التعليمي بمن فيهم المشرف التربوي هم من جنود الدفاع عن الأمن الفكري الذي قامت عليه أعمدة الاستقرار للأمة، بل إن مسؤولية المشرف التربوي تتضاعف حيث إنه يملك الصلاحيات التنفيذية ومسؤول بصورة مباشرة عن المعلم الذي هو أحد مصدر التلقي للطالب.
لذا كان على المشرف التربوي أن يؤمن بأهمية الأمن الفكري في تحقيق الشعور الشامل ويدرك مسؤوليته المباشرة في حمل السلاح الفكري الفعال والقيام على هذا الثغر المؤثر في روح المجتمع.