رجاء العتيبي
التراث كمحتوى لا يمكن تطويره، ولكن يمكن تطوير طريقة عرضه، وتطوير فعالياته والخدمات المقدَّمة، قارن ذلك مع الجنادرية ستكتشف أن الخدمات تتطور ببطء شديد، رغم مرور 32 سنة على نشأتها، يكفي أن تنظر للبوابة الرئيسة المليئة (بالصبات) ومواقف السيارات التي تمثّل مشكلة مستمرة، هذا الشيء يؤلمنا كثيراً في حق مهرجان بات من المهرجانات العربية المؤثِّرة، وشكَّل طوال سنواته وما زال واجهة حضارية للمملكة نفتخر به، لذلك نلفت نظر المسؤولين إلى أهمية الخدمات، فهي التي تدعم المهرجان وتعزِّز من قوته أو تؤثِّر سلباً على مكانته.
يذكر لنا الزميل ماجد الحيزان مدير الفعاليات بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في جلسة جانبية لإحدى الفعاليات أن مهرجان العسل الدولي الذي تنظّمه بريطانيا لم يتطور كمحتوى منذ 85 سنة على إنشائه، ولكن الذي تطور هو الخدمات موضحاً أن مدير المهرجان أكد له أن في كل عام نطور في خدمات المهرجان.
الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رتبت مئات الزيارات لفعاليات دولية برفقة (شركاء) الهيئة ضمن برنامج الشركاء الذي توليه الهيئة عناية كبيرة، ما أسفر عن تطوير كثير من فعاليات الجهات الحكومية والقطاع الخاص في مجال الخدمات، لأن الفعالية مهما كانت فكرتها لا تساوي شيئاً إذا لم يصاحبها خدمات متقدِّمة تسهل حركة الزوار وتلبي احتياجاتهم.
إدارة الفعالية لا تقل أهمية عن الفكرة، بل إن (الإدارة) تحدد مصير الفعالية (نجاحاً أو فشلاً)، لا يختلف أحد حول هذا الرأي نظرياً، ولكن الخلاف يدور حول (إهمال) الشرط الإداري في كثير من الفعاليات كواقع فعلي.
يمكن للسياحة أن تنظّم - تبعاً لخبرتها - برامج زيارات لمهرجانات دولية على مدار العام تستهدف القطاعات الحكومية المختلفة، باعتبار كل جهة حكومية لديها فعالية بشكل أو بآخر، ليس الهدف أن تنظّم الجهة الحكومية الفعالية بشكل ذاتي، وإنما لتعرف كل التفاصيل الإدارية المتعلّقة بالفعالية، ما يمكنها من إعداد (نظام شامل) و(أساليب إرشادية) و(أساليب تقيمية)، (بنية تحتية) يسهل عمل متعهدي الفعاليات من القطاع الخاص.
نحن مقبلون على فعاليات كثيرة ينظّمها عدد من الجهات، وإذا لم تكن (الخدمات) من أولى أولياتها ستكون الفعالية محل نقد وتذمر واستهجان، وأهميتها تأتي لارتباطها بالزائر/ العميل بصورة مباشرة.
قبل أن يستمتع الزائر بالفعالية والتفاعل مع برامجها ويعجب بفكرتها، عليه أن يجد مكاناً آمناً يركن سيارته فيه، ويدخل الموقع بدون زحام، ويتجول في ممرات فسيحة، وبيئة جميلة، وأن يجد لوحات إرشادية واضحة تغنيه عن سؤال المارة وتجنبه التفكير للوصول لمبتغاه لا أن يتوه مثلما يتوه الصغار في لعبة المتاهة، أو يزعج الناس بكثرة السؤال.