فضل بن سعد البوعينين
من النجاحات التي تمخض عنها مؤتمر الكويت لإعمار العراق كشف حقيقة ونوايا النظام الإيراني التخريبية؛ والعدائية لدول المنطقة؛ وبخاصة العراق. لم يكن إحجام إيران عن المساهمة في جهود إعادة الإعمار مستغربا لذوي الألباب؛ فتاريخها المظلم يؤكد على أن أهدافها التخريبية؛ وعقيدتها العدائية للدول العربية يحولان دون مساهمتها التنموية؛ أو جهود تكريس الأمن والإستقرار فيها. وهو أمر يستوجب أن يدركه أتباعها المضللين في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
وقف النظام الإيراني؛ منذ العام 2003؛ خلف بعض الأحزاب السياسية الموالية له؛ والتنظيمات الإرهابية التي كان لها دور رئيس في زعزعة الأمن؛ ونشر الطائفية؛ و تدمير العراق وإفقار شعبه ونهب ثرواته ومصادرة قراره السياسي وعزله عن محيطه العربي. لم يكن العراق أصلا؛ في حاجة لجمع الأموال من أجل إعادة الإعمار لولا الإحتلال الأميركي، وتدمير مؤسساته؛ وسماحه للنظام الإيراني بالتدخل والسيطرة عليه؛ ونهب ثرواته من خلال القيادات والأحزاب السياسية الفاسدة التي نجحت في تبديد ما يقرب من450 مليار دولار من الأموال العامة؛ وفي مقدمهم نوري المالكي؛ رئيس الحكومة السابق المُنَصَّب من إيران والمتهم بتبديد ما يقرب من 360 مليار ريال خلال فترتي رئاسته الحكومة.
من المؤلم أن تكون الدولتان المسؤولتان عن دمار العراق وهما؛ الولايات المتحدة الأميركية وإيران؛ في مقدم الممتنعين عن مساعدته في الخروج من أزمته الحالية. ولكلٍ عذره المُعلن؛ ونواياه المستترة. بررت إيران إحجامها عن المساهمة لدورها الفاعل في هزيمة «داعش» وإشتراكها في إعادة الإستقرار للمحافظات المحررة؛ ودورها الأمني المستدام؛ في الوقت الذي أرجع فيه وزير الخارجية الأميركي «ريك تليرسون» إمتناع دولته عن المساهمة بسبب دعمها السخي المستثمر في القطاع الخاص من خلال البنك الدولي.
لا يمكن الجمع بين الدمار والإعمار في آن؛ فالدول المتسببة في تدمير العراق؛ والدول العربية الأخرى؛ لن تسهم في برامج إعادة الإعمار إلا من خلال الفوز بالغنيمة الكبرى؛ وهي عقود الإعمار الضخمة. كل ما أخشاه أن تذهب ميزانية الإعمار للشركات الأميركية والإيرانية؛ بحكم سيطرة الدولتين على مفاصل العراق وقراره السياسي والتنموي. أو أن يتسبب الفساد في هدرها كما تسبب من قبل في ضياع 450 مليار دولار من الإيرادات الحكومية.
إعادة الإعمار في حاجة ماسة إلى تعزيز دور الحكومة العراقية؛ وإستقلالها السياسي والأمني عن النظام الإيراني؛ كما أنها في حاجة ماسة لمكافحة الفساد من أجل ضمان تحقيق النتائج الإيجابية لبرامج الإعمار. لست متفائلا ببرامج لإعمار المزعومة؛ طالما سيطر الفساد على الأحزاب والبرلمان والحكومة؛ وطالما بقي النظام الإيراني متغلغلا في الداخل العراقي.
ومن هنا، أتمنى ألا تدفع المساهمة السعودية السخية نقدا للحكومة العراقية؛ بل يفترض أن تكون من خلال برامج إنمائية واضحة تنفذ من قبل شركات سعودية؛ أو يتم إستثمارها لتمويل مواد ومنتجات أساسية يتم تصديرها من السوق السعودية؛ وبما يضمن كفاءة المساعدات ودعم القطاع الخاص المحلي. عودا على بدء؛ كشف مؤتمر المانحين عن حقيقة المتآمرين على العراق؛ وميز بينهم وبين الدول الشقيقة التي مدت له يد العون وقدمت له المساعدات المالية والدعم السياسي الإستثنائي للوصول به إلى بر الأمان.